القائمة الرئيسية

الصفحات






بقلم :عبد الله يحيى صديق


(صوت الحمير) رواية فلسفية  فكاهية،  من تأليف الدكتور أيمن العتوم، المولود  في الأردن سنة 1972، والذي يعتبر واحداً من أشهر الأدباء العرب الذي يحظى بمتابعة واسعة في الوطن العربي. 

تنتمي الرواية الى الأدب الساخر الذي يعتمد على الخيال، و الذي عادةً ما يكون الغرض منه انتقاد المظاهر السلبية للحياة السياسية والاجتماعية.

جاءت الرواية في 24 فصلا، ويمكن تقسيم مراحلها الى خمسة مراحل:

1- مرحلة التجوال في الريف:

في هذا الجزء يحكي عن حياة بطل الرواية أثناء مرافقته للشيخ، و في هذا الجزء تحدت عن الرفقة والصداقة و كيف أنها تقوى مع مرور الأيام وظهور الحوادث؛ لما تُحدثه من تقارب عاطفي وما تفرزه من ردات فعل، تكشف عن قيم أصيلة يتمتع بها الرفيق: كالبذل و كالوفاء والرغبة في المساندة، وكيف أن طول العشرة والمخالطة ينشأ عنه تقارب وجداني تزول فيه الحواجز و تكشف الأسرار وتساقط الأقنعة. 

في هذا الجزء يحكي رحلات تجوال الشيخ وحماره في القرى الريفية  شمال الأردن، ويصف الطبيعة و تناغم الحياة والسكان مع مظاهر الجمال الإلهي في الطبيعة، بالإضافة إلى أن الكاتب في هذا الجزء ينتقد بعض التصرفات البشرية  وأحياناً يشيد ببعض صفات الحيوان؛ ليؤكد على هبوط المستوى الأخلاقي لبعض البشر.  

2- مرحلة  الحياة العائلية و العمل:

هذا الجزء يحكي عن حياة الحمار بعد وفاة الشيخ، وفيه يتحدث عن أهمية العزيمة و الجرأة لتغيير الواقع والبحث عن الحلول الجديدة التي قد تصل في أقصى حالاتها إلى حراك فعال، يفرز قرارات مصيرية كما حدث في حالة الحمار في تأسيس مملكة الحمير، وفي ولوج عالم الإذاعة والإعلام، كما تحدث فيه عن العلاقات  كالحب و الزواج و الأسرة. 

3- مرحلة النجاح و الشهرة:

هذا الجزء يحكي عن دور شريك الحياة في النجاح، كما يتطرق إلى دور الإعلام في صناعة الرأي العام وكيف تنشأ الظاهرة الإعلامية، وأكد  أن الإشاعات  تمثل عنصراً مسانداً يعزز التضليل الإعلامي الذي يغطي الحقيقة و يروج للأكاذيب التي تخدم أهداف سياسية أو اقتصادية.

4- مرحلة النضال:

هذا الجزء يحكي عن اشترك بطل الرواية في النضال و انضمامه إلى مجاميع المقاومة ضد الغزاة، ويتحدث عن نكبة الثورات (صراع الرفاق)، حيث تحدثت الرواية عن اشتعال الحرب بين الثوار  أنفسهم، وتحدثت عن مشاهد وحشية مؤلمة وحوادث إجرامية لا تمت للإنسانية بصلة. 

ينتهي هذا الجزء نهاية حزينة بعد خيبة الأمل التي واجهها البطل، ليعود إلى زوجته، لكن الموت يدركها ليخيم الحزن و تسود الكآبة.

5- مرحلة العزلة والتأمل:

يمثل لقاء البطل بالشاب أيمن بازغة أمل يدون فيها رؤىً فلسفية، تضمنت أفكاراً تتعلق بفلسفة مفاهيم متعددة كالموت والحياة والعبادة والزمن والألم واللذة والحب والموسيقى..


التعليق على الرواية:

رواية جميلة، تضمنت العديد من الرسائل السياسية والاجتماعية والانسانية، وكغيرها  من النتاجات الأدبية لأيمن العتوم، ظهرت شخصية الإنسان الطيب  ذو الروح الشفافة الحالمة المحبة للفن و الجمال والموسيقى، وعلى الرغم من أن الرواية اعتمدت على الخيال إلا أنها وصفت بدقة سلوك الإنسان  وتناقضاته الفكرية والأخلاقية وركزت على السيء منها وقارنتها بطبائع الحيوان، وأعطت الأفضلية للحيوان في بعض التصرفات للتأكيد على انحطاط المستوى الإنساني لبعض البشر. 

غلبت النزعة الفلسفية على الرواية لكن الأفكار صيغت بأسلوب بسيط ولغة سهلة، يمكن للقارئ العادي فهمها ومعرفة المغزى منها. 

تتسم الرواية بطابع ناقد يحاكم  سلوك البشر ويقارنه بما يفضُله من صفات الحمير، هذا الطابع الناقد هو القالب الرئيسي الذي تنبثق منه معظم الحوارات والفكاهات.

نجحت الرواية في توظيف السرد  والحوار  لتمجيد القيم الإنسانية  والتأكيد على كرامة الإنسان سواء بطريقة  تعبيرية مباشرة  أو بالترميز الذي يُفهم من النص المكتوب. 

رتب الكاتب ظهور الشخصيات والأحداث بتسلسل مناسب للزمان والمكان والقيمة المعنوية، فبدا وكأنه يرسم حلماً  يسعى فيه لتغيير الواقع، وحتى عندما آلت الرواية في نهايتها للكآبة جاءت نهايتها مبشرة بمستقبل واعد تسود فيه قيم التعايش و الإنسانية و الجمال..

 

نقاط القوة:

 ـ بساطة الأسلوب و سهولة اللغة.

ـ استخدام المنطق في طرح الأفكار وإثبات صحتها.

ـ دقة تحليل النفس والدوافع الإنسانية.

ـ الوصف الجميل للطبيعة.


نقاط الضعف:


- لا أقول نقطة ضعف لكن انطباع شخصي عندما قرأت مشاعر الحب التي شعر بها الحمار ووصفه لحبيبته لم أشعر بالارتياح ربما لأننا كبشر نقدس هذه العلاقة و نعلي من شأنها فعندما يصفها حيوان فكأنه تقليل من شأنها.

التقييم:

مقارنة بالأعمال الأخرى الرائعة التي قرأتها لأيمن العتوم  " أنا يوسف" و "رؤوس الشياطين" و "ذائقة الموت"  الرواية جميلة جداً.

تعليقات