مراجعة كتاب الجانب العاطفي من الأسلام

 

 مراجعة كتاب 

الجانب العاطفي من الإسلام "بحث في الخُلق والسلوك والتصوف"

محمد الغزالي

عدد الصفحات:264 صفحة

بقلم / اللؤلؤ المكنون

يبحث الكتاب في موضوع التصوُّف الإسلامى، و الذي يُطلق عليه الكاتب الجانب العاطفي من الإسلام.  

  

وهو يريد أن يخرج بالتصوُّف إلى النور بعيداً عن الأفكار الفلسفية التى يرفضها،  ومقصده في ذلك أن تكون قلوب المسلمين  متعلِّقة بالله، وفي ذات الوقت يملكون الدنيا بأيديهم، فيخدمون بها دينهم. وكيف ينبغي أن يتحوّ.ل الذكر إلى طاقة إيجابية فعَّالة. 

    و يرى الكاتب أن جوانب من شُعَب الإيمان قد قُتِلت بحثاً، كفقه العبادات والمعاملات، وأخري لم تلقَ الاهتمام الكافي، وهى الجوانب المتعلقة بالأخلاق والنفس. وهو في هذا الكتاب يسعي لرأب الصدع.  ذلك أن كثيراً ممَّا كتب في التصوُّف ينقصه المنهج العلمى، ويغلب عليه الطابع الأدبي الشخصي. و يرى المؤلف أنَّ الناس أصناف، منهم أصحاب العواطف الحارة، وأصحاب العقول القوية. والمؤسف والمحزن أن أصحاب العاطفة يميلون للجهل والخرافات، ثم أصحاب العقول يغلب عليهم الجفاء والقسوة.  والإسلام لا يريد هذا ولا ذاك ولكنه يؤسس الإيمان على ركائز عقلية، وهو في ذات الوقت عبادة قائمة على سلامة القلب، والمحبة والأدب. و يبيِّن لنا الكاتب من خلال هذين النموذجين كيف أن صدق العاطفة لا يبرِّر تجاوز المنهج العلمي،  وكيف أن إطلاقها يورث الضلالة والبعد عن التفسير والتعاليم القويمة.  وفي المثال الآخر كيف أن جفاف العقل، والأخذ بظاهر التعاليم والنصوص لا يحقق الفائدة المرجوة.  و لذا فإنَّ المؤلِّف يهدف إلى تجليَّة بعض الحقائق و إبراز الملامح الإسلامية للمنهج الإلهي على النحو الذي يجعل الإيمان قائماً على دعائمه العاطفية و الفكرية كلِّها بما يحقِّق التوازن بين العاطفة و الفكر ، و يؤدِّي إلى إشباع القلب و العقل، و لا يفصل الدنيا عن الآخرة .

    يتحدَّث الكتاب عن الجانب العاطفي من الإسلام ، حيث تطرَّق المؤلف لذكر الكثير من المواضيع التي تتعلَّق بأعمال القلب والجوارح ، بحث في الخلق والسلوك وتهذيب النفس .

المسلم الكامل رجل نيّر الذهن والقلب معاً. حاد البصر والبصيرة جميعاً، تتعانق فكرته وعاطفته في معاملته لله، ومعاملته للناس، فلا تدري أيهما أسبق؟ صدق أدبه أم حسن معرفته، ولا تدري أيهما أروع؟ خصوبة نفسه الجياشة أم فطانة عقله اللمّاح! ".

"فالإسلام عبادة تقوم على سلامة القلب، وشحنه بالإخلاص، والمحبة، والأدب، وتجريده من الهوى والأثرة والغش ، والإسلام لا يصح إلا بالروح الكامنة فيه ، والوقود المحرِّك له  أي الإيمان الحقّ".

"الإيمان معرفة بالله بلغت حد اليقين ، وإن المعرفة المقبولة هي المعرفة الصحيحة التي تطابق الحقَّ . و إن هناك من يعرفون الله معرفة مشوبة بالخطأ ، مقرونة بأوهام لا يساندها الواقع.

إن رسالة الإنسان في هذه الحياة تتطلَّب مزيداً من الدروس والتمحيص لأن حياة البشر مليئة بالأخطاء وقد يقع فيها المرء بقصد او بدون قصد؛ لذلك يبقى المسلم طول حياته ينقِّي الأخطاء التي تهاجمه لأجل رضا خالقه، والطريق إلى الله تعبير لطيف عن جهود المسلم في تصفية نفسه، وترضية ربِّه، والتحوُّل عن مواطن الغفلة والركود إلى مواطن الذكر والحركة ، ومراحل الطريق تتمثَّل فيما يحرزه المرء من نجاح، وهو يتخلّص من خُلة رديئة، أو مسلك عابث، ويتحلَّى بخلق كريم وسيرة جادَّة ، وإذا صحَّت محبَّة الله من قِبل امرئ فقد تبوَّأ قمة الكمال، وتهيَّأ لفضل من الله جزيل .

كما تحدَّث عن الأمة الإسلامية بين الإساءة والإحسان مُبيِّناَ أن إساءة المسلمين إلى دينهم وأنفسهم بالغة الشدة ، وقد تتابعت هذه الإساءات في الأعصار الأخيرة واتَّسع نطاقها ، وفشت بين الخاصة والعامة جهالاتٌ غريبة بالدين ، وجهالات اغرب بالحياة العامة.

إن بعض الناس جاهل الحكمة العليا من وجوده ، فعاش عاطلاً في زحام الحياة ، وكان ينبغي أن يعمل ويكافح ، أو عاش شارداً عن الجادَّة تائهاً، عن الهدف ، وكان ينبغي أن يشقَّ طريقه على هدىً مستقيم.

"أقتباسات من الكتاب"

1-" إن الإسلام دين فجَّر الطاقة العقلية في البشر ، وجعل اليقين في الله نتيجة لابدَّ منها لتجوال الفكر الإنساني المستيقظ النابه في آفاق السموات والأرض".

2-" يجب أن يفهم الماديون أن الحياة الإنسانية الآن أفقر إلى الأخلاق منها إلى الأرزاق ، وأفقر إلى تقدير قيمها الروحية منها إلى تقدير قيمها المادية ، وأفقر إلى ذكر الله منها إلى ذكر ماسواه".

نقاط القوة في الكتاب: أعجبني الكتاب جداً بما احتوى من موضوعات كثيرة و رائعة استفدت كثيراً منها .

نقاط الضعف: كقارئة مبتدئه لا استطيع تقييم نقاط الضعف في الكتاب؛ كون مؤلِّفه شخصية معروفة بحجم الشيخ الغزالي، و الذي تتَّسم كتاباته بغزارة العلم، و قوة الطرح، و الفهم الديني المُستنير الذي يجمع بين الأصالة و المعاصرة . و يبقى الخطأ وارداً عند البشر مهما بلغوا من العلم، فالكمال لله وحده .

تقييمي للكتاب  5/5