القائمة الرئيسية

الصفحات






مراجعة كتاب الهشاشة النفسية






بقلم / حسام أحمد


مقدمة:

الكتاب هو تأليف الدكتور الصيدلاني إسماعيل عرفة
حاول فيه تسليط الضوء على ظاهرة وليدة ومرض عصري جديد وهو الهشاشة النفسية وتضخيم المشاكل والأزمات البسيطة لتأخذ حيزا أكبر من واقعها. وهي الظاهرة التي  لم تأخذ حظها في التحليل والمراقبة أو العلاج  والتدارك حتى الآن فكان الكتاب للتعريف بالظاهرة وجذب مزيد من  الإنتباه إليها. 
 ركز الكتاب على الجيل زي (Gen Z) و أوضح أن الأجيال الأخرى غير معفية من الوقوع في الأمر.


الفصل الاول 


يحيل الكاتب اثناء تناوله هذه الهشاشة بنسبة كبيرة  إلى اشكاليات التربية التي تقوم على الحماية من الصدمات ورفع المسئولية ويتسبب الوالدين عندها في تأخير تعرية اطفالهم للتحديات والصعاب ويحيلون دون اكتسابهم للمرونة النفسية في التعامل مع مصاعب الحياة.
و كيف أن اضطراب القيم وتعددها خلق واقع من السيولة العقلية التي تجعل الإنسان يعيش بلا رواسخ قيّمية تثقله وتثبته, وسيولة عاطفية احالت التعلق البشري الطبيعي إلى حالة من الشره والشطط تغرق وتحرق  .... وسيولة نفسية و اجتماعية تشتت الإنسان في علاقات غير واقعية وافتراصية لا تتناهى، حظ هذه العلاقات من الحب لونه ومن التراحم طعمه ومن التدافع رائحته.

تعليق الفصل الاول

برأئي تناول التعريف بهذا الفصل بطريقة مرتبة و إن كانت الأمثلة التي استخدمها أحيانا مبالغة في التبسيط لحدود المشكلة وحيثياتها والتي قد تجعلنا لا نستشعر واقع تمدد الهشاشة فينا ويحدث ذلك عندما نقارن بداهية الامثلة واستشعارنا أننا لا نعاني من هكذا أعراض برغم الواقع المغاير.



الفصل الثاني 

تناول هوس الطب النفسي وكيف أنه اضحى الملجأ والوجهة الأولى لاستعادة الاتزان النفسي وتنحية التوازن النفسي الطبيعي الذي يطوره الانسان بتنمية ميكانزمات داخلية تعينه على التغلب عن أزماته. و أن الفلسفة المادية انتجت ابتعاد عن المؤثر الديني الذي كان يشكل قوة يتمسك الإنسان بها في لحظات الضعف هذه. وكيف أن مفهوم السواء النفسي أصبح مختلا عند العامة و أضحى أبسط فشل أمام صعوبات الحياة يدعو الى الشعور باضطراب نفسي  ... يصبح عندها السعى وراء السواء النفسي أشبه بحالة هوس ولهث خلف المجهول،  مستشهداً بمقولة لالدوس هكسلي (لقد تقدم البحث الطبي بشكل هائل، إلى درجة انه لم يعد هناك ناس اصحاء).
ومقولة ألن فرانسيس (ووسع علم النفس حدوده ليشمل الكثيرين ممن يعتبرون اسوياء).



الفصل الثالث 


تناول الفراغ العاطفي و الفراغ الوجودي
تحدث في هذا الفصل عن الفروق بين الجيل الحالي والسابق من حيث الروابط الاجتماعية وتداخل السوشيال ميديا التي غيرت في كيفية ونمط العلاقات وجعلت من المطلب الاساسي هو الحصول على أقصى متعة  ممكنة بأقل تكلفة وفق قيود أقل في عصر يمتاز بالسرعة حتى في العواطف... ولا يعول كثيراً على الدفئ الناتج عن الاستقرار فيها.
تحدث فيه عن الاحتياج الإنساني الفطري وكيف أنه يتقد بسبب الفراغ العاطفي وتفكك الروابط الأسرية وهشاشة العلاقات الإنسانية  وجلها من أسباب انتشار هذا الاحتياج والفراغ العاطفي.


تعليق الفصل

الامر الذي ربما أشير إليه هنا هو كون الاحتياج ربما ينتج عن الوسط الذي تأججت فيه هذه المشاعر المندفعة التي تتجاوز كل الاسباب السابقة فبكونها رغبة داخلية للبقاء ضمن المجموعة من الأقران وخوض التجربة  ...  أحتياج ينتج عن الخوف من  فقدان الثقة في حالة عدم الوصول لذات مستوى العلاقات  والعواطف .... ربما حتى الوازع الديني قد يترنح في هكذا لحظات أمام غلبة التفكير وهواجسه التي قد تحاصرنا  .... 

وكما أن اختزال مرحلة المراهقة في فترة عمرية  ... أو حتى وصف الشعور بالحاجة لإشباع عاطفي ربما فيه تجني على مكنونات الإنسان  ...  ما يزال القلب نابضا تاقا لرفقة تؤنسه وعواطف تحتاج الى إشباع و إن اختلفت القدرة على التحكم والضبط بأسباب الانفاعلات المختلفة والمؤثرات وحوادث الحياة التى قد  نتعرض لها  ..


اجاد في توصيف كيف نتحول إلى تلبيس جميع إخفاقاتنا المستقبلية على الاسرة وقصورها في التربية التى تعيننا في المستقبل والذي هو جنوح سماه خطأ الحالة الأساسي  .... تلك الشماعة التى تخفف عنا وطأة عذابات الضمير و أننا ضحايا للظروف والمجمتع.
ينبغي هنا أن نعى أن دور الاسرة يتناقص مع ازدياد قدرتنا على إحكام العقل في تصرفاتنا تلك التي ينبغي لنا أن نقيسها وفق ما نتبناه من قيم  .... لا وفق ما تربينا على أخذه  ... فهي كما خيارات الحياة الأخرى ما نلبس أن نصل مرحلة نتخلى فيها عن كون أسرنا هي المتحكمة إلى تنفيذ إرادتنا كذلك الحال هنا  ... فنحن من نقوم بهكذا اختيارات  .... وعلينا تحمل التبعات  ....


الفراغ هو التعلق بلا شئ

يبدأ بأبسط الأشياء وينتهي بإفلات كل شئ والعبثية عندما نفقد تشبثنا بالله أو القيم أو العرف حتى ربما عندما نصبح غرباء في دواخلنا عن إدارك الثوابت التى عليها نتكئ ومن ثم نلبث في التيه  ...
فيتغلب علينا الفراغ الوجودي أو العاطفي بدرجات نبحث عندها بالتعلق بأوهام أخرى مثل الأطباء النفسيين  ويصبح التداوى هو تداوي الأعراض لا شفاء لما يحتمل القلوب من فقد   ...  فيا لعظم الفقد ومن فقد الله فماذا وجد ومن وجد الله فماذا فقد ....
يتجسد هنا ربما مادية الثوابت لا روحية الوجدان المتمسكة بالله
تلك الثوابت التي تتزعزع بفعل حركات الواقع المادى والتي لا تستند إلى أسس سامية في علوها كالجانب الروحي نصبح عندها عرضة للتشتت والحركة التي تفقدنا الاتزان وفق مؤثرات الحياة الواقع.

وصف كيف أن البعد عن الحق والحقيقة يتسبب في ضياع المعنى وتسطع العدمية ويظهر الإنسان المادي الباحث عن المتعة المتألم رغم اللذة..... 
توسع كثيراً في أسباب الفراغ الوجودي وختمها باقتباسات جميلة لابن القيم وغيره وجميعها تعزز الامتلاء الروحي لامتلاك بواعث للحياة والوجود  ... وددت لو توسع فيه اكثر لضرورته  ....


الفصل الرابع
السوشيال ميديا أصل الشرور وتعزيزها للنرجسية الفردية حب مفرط للذات والسعي نحو التقدير وتأثير ذلك الشعور و أزمة متابعة الترند  يصبح التغيير حينها هدفا في ذاته لا وسيلة ونصاب بهوس التغيير. الذي يبعث فينا أنه لا يوجد أمر طويل المدى وهو يفسد الثقة والالتزام والولاء المتبادل.
و أيضا كيف غدا النجاح والتميز بعدد اللايكات والإعجاب
ونغدو تائهين بين مصائد التشتت.
و أننا أصبحت حيواتنا تتشكل عن طريق السوشيال ميديا  ... تغدو حتى أفكارنا عندها تافهة لسعيها لتجد القبول الاسفيري لا لدعم القضية الحقة.
نصبح كبالونات تحتاج للهواء لتظل منتفخة بلا معنى
هنا قدم حلا بالبعد عنها من حين لآخر وتناول امتلاء تربية النفس بتعاليم القران


ربما أكثر من الاستشهادات وطولها فتجد مقالات مكتملة وضعها بداخل النص الأمر الذي قد يتسبب في تشويش الرؤية التي تبناها هو.



الفصل الخامس

لا تحكم على الآخرين
تناول فيه الفرق بين الحكم على الآخرين والحكمية
وكيف أن ثقافة الرأسمالية تدفعنا لمحاولة تقديس التسامح بلا إنكار  ... و أصبح البعض يبحثون عن تلك المساحات الآمنة لتحميهم من أي فكرة معادية. مفسرا جملة (لا تحكم علي) بأنها تعني (لا تواجهني باخطائي), الأمر الذي يعني اندثار للمعروف وتمادي للمنكر.. وكيف أن الحل في إحسان النصح في إطار الأخلاق والدين. 

تعليق الفصل
تبسيط فكرة الحل في مواجهة عدم تقبل الأخطاء في سلوكياتنا يعبر عن تبسيط في تفكيك المشكلة برغم تعقيداتها , الأمر الذي يدفعنا لإعادة التفكير في جدوى الحل.


الفصل السادس

مشاعرك الداخلية أسوء حكم في حياتك؟

تحدث هنا عن تقديس المشاعر و أن تم جعلها هي مقياس الحياة الأول وكيف أن استشعال المشاعر كان هو النجاح الذي تحقق على جميع الأصعدة في السياسة والإدارة وتصل بنا إلى عبادة المشاعر  ...
و إن استعمال هذه التعابير المشتعلة يسلبنا القدرة على التأمل واعتناق المشاعر طويلة الأمد فنحن نبحث عن مزيد من الإثارة والإهتزاز وننفر من الهدوء والتامل والخشوع و أن شره الأحاسيس هذا له تاثيره المدمر علي الروابط الأسرية لنا.


الفصل السابع 


مخدرات الشغف
تحدث عن كيف أن خطابات التحفيز الخاوية التي نجدها حولنا هذه تستنهض همة بطريقة سطحية ولا تؤثر بعمق فيه وتحيلك للسعى خلف وهم لا تمتلك لا الدوافع والخبرات أحيانا لإكمال طريقه  كما سعى للتعريف بسطحية دعاوى مدربي التنمية البشرية الذي يتعامل مع قشور المشاكل لا جوهرها ومخدرات التحفيز هذه وما تقنع الناس به عن تبسيط للأفكار وسهولة تغيير الواقع ثم يكون الارتضام قاسيا مع  الواقع لاختلاف الاسباب ، مما قد يتسبب في  الإنهيار السريع  ؛ بسبب فرط الأمل والطموح.

يعقب ختاما حول دعاوى تحميل الاضرابات النفسية مسئولية سلوكياتنا المضرة ويتم القبول بكثير من نشاز القول والفعل والجرائم  والتي قد تصل أحيانا للقتل والمذابح، ويتم تجميل صورة مرتكبها والتعاطف معه بدعوى إصابته بالأمراض النفسية  .... كما جنوح الإعلام في تعاطيه مع ذات القضية ليصبح أحد مرتكبيها مريضا نفسيا والآخر إرهابيا تبعا للدين والإيديلوجيات والدوافع والتسويق المرجو للقضية. و أصبحت دعاوى تبرير جميع الأفعال عندما ندعي أننا نستريح نفسيا عندما نقوم بها. 


ختاما لمراجعتي هذه

الكتاب أجده رائعا وماتعا وشيقا،  أبحر في جانب مهم جدا يمس غالبنا بما فيه من تفاصيل ، أجاد فيه د.إساعيل عرفة و أبدع ولربما استوقفني كثيرا في ثناياه، الأمر الذي شدني لكتابة هذه المراجعة 
كما أود أن أعتذر عن جوانب النقد والتي لا أدعي علما بها لكنها جوانب استشعرت حاجة التنبيه لها  ...

كما أجدني أدعو بشدة لقراءة هذا الكتاب لما فيه من عرض فريد للمشكلة ولحلولها وما يبثه فينا من استشعار لاهمية القضية والتي غالبا لم ندركها بهذه الابعاد من قبل.


تعليقات