ما شاهدته في مسلسل أرطغرل، وتشاهده في مسلسل عثمان، خيال مؤلّف نعم. لكن لا تقلها أستخفافًا في واقع الزّمان العثماني.
هذا الخيال الدّرامي لا يحجب حقيقية تاريخيّة ساطعة مثل شعاع الشّمس، أدركها جدك رحمة الله عليه.
تلك الحقيقة الشّمسية هي أن الهلال العثماني هلّ على العالم، وسواء كانوا محتلّين أو فاتحين، ظالمين أو عادلين، خلافة أو مخالفة، لذلك سياق آخر، إنّما..
تأسيس الرّعاة لدولة إسلاميّة بين إمبراطوريتين عظيمين (مغولية، وبيزنطيّة) أمر يفوق خيال المؤلّفين.
كون الجماجم المتطايرة عن أكتافها أكشن خيالي، لا يعني أن الحقيقة مجرد تراشق بالحصى..
كون حليمة، مالهون، بالا، غونجا، آيجول.. اللواتي شاهدتهن يلعبن بالسيوف مجرد لاعبات أدوار في المسلسل، لا يعني أن الشخصيات الحقيقية نساء مثل اللواتي تجدهن في زمانك، يتفالتن أنوثة مثل الخلطة- على قول زمبقة- ويستنجدن بالحارة من (الصورصار).
من أنجبن نواة الدّولة العظيمة التي دامت لستة قرون لابد- كحتمية طبيعية- أن يكن عظيمات بذات القدر، ولك أن تتخيّل على طريقتك كيف كانت عظمتهن واقعًا، لكن تبقى الحقيقة الغائبة دائمًا أعظم، أشق، أبلغ، أعمق، أعجب.. من تخيلها..
وكون الأتراك يتّصفون بالشّجاعة والإقدام، فتلك حقيقة وجدناها في تاريخينا، فالذي قال: (أكل العرب الإبل، فأخذوا منها الغيرة والغلظة) هو ذاته من قال وفي ذات السّطر بعد واو العطف: ( وأكل الأتراك الخيول فأخذوا منها الشّراسة والقوة).
في الأخير، إلى الذي يتحسس من التّاريخ العثماني ويعتبره احتلال، فليكن لك ما شئت، ولكن وأنت تعادي، تذكّر أن الشّاهد بشجاعة عدوّه أو بشهامته هو شجاع وشهم، ولا يجبن أو يتنكّر لأصالته وأصله أو يتنصّل عنهما، إذا شهد لقوم أخرين بما هم أهلٌ له، بل هو حينئذ أعظم برًّا وتشبّثًا واتصالًا بهما، فذوي النّسب الشريف والتّاريخ المشرّف، لا يجرمنّهم شنآن قوم على ترك العدل، بل هم الأعظم إلتصاقًا بالعدل والإنصاف، ومجاهرة بالحق والحقيقة ولا يهمهم لأي صالحٍ تنصب.
ولله دره من فارس، ذاك الذي وقف على جثّة عدوّه وقد ظفر به، فقال لجنوده: (ادفنوه كما يليق بفارسٍ ذاد عن قومه بحياته).
محمد الصناعي
تعليقات
إرسال تعليق