القائمة الرئيسية

الصفحات

ملخص كتاب .. هكذا ظهر جيل صلاح الدين و هكذا عادت القدس





ملخص كتاب .. هكذا ظهر جيل صلاح الدين و هكذا عادت القدس



المؤلف
 د. ماجد عرسان الكيلاني 
                                          
● مفكر ومؤرخ تربوى استطاع بناء أسس التغيير وطرح أفكارا مرتبة وملائمة للعالم المعاصر فى التربية والتعليم ونذر حياته لبيان أصول التربية الإسلامية فترك فيها بصمة واضحة وبين دورها فى تقوية جسد الأئمة لمقاومة الأخطار .
● مواليد قرية الشجرة قضاء الرمثا - الأردن عام ١٩٣٢ م   
● توفى عام ٢٠١٥ م   
● تعليمه : ثانوية من الرمثا -- جامعية تخصص تاريخ من القاهرة -- منحة دراسية لدراسة التاريخ بلبنان - ماجستير فى التاريخ الإسلامى من الجامعة الأمريكية بلبنان -- ماجستير تربية من الجامعة الأردنية -- دكتوراه فى التربية جامعة بيتسبرغ / بنسلفانيا/ أمريكا
●  اجتماعيا : أخ لتسعة أشقاء وأب لستة أبناء .
● أعماله:  مدرس بالنجاح الثانوية / نابلس -- رئيسا لقسم المناهج بوزارة التربية الأردنية -- مديرا للتعليم بوزارة الأوقاف -- عمل مديرا للمركز الإسلامى بنيو يورك .
● من مؤلفاته : فلسفة التربية الإسلامية ( اعتبرته اليونسيف أفضل كتاب فى مجاله ) -- أهداف التربية الإسلامية -- التربية والتجديد -- إخراج الأمة المسلمة -- هكذا ظهر جيل صلاح الدين .

 هدف الكتاب : 

١- قراءة تاريخنا و استلهام نماذجه الناجحة 
٢- فقه سنة التغيير و أن صلاح الدين نتاج مائة عام من محاولات التجديد و الإصلاح من خلال الإجابة على الأسئلة :

أ) ما هي القيم السلبية التي سادت الأمة فهزمها الصليبيون ؟
ب) ما هو التغيير الذي حدث و أدى لظهور جيل صلاح الدين و انتصاراته ؟
ج) من الذين حملوا مسؤولية هذا التغيير الإيجابي ؟



حال الأمة .. ما قبل الهجمات الصليبية 

حلت الهزائم بالمسلمين أمام الصليبيين لأسباب عديدة أصاب أولها فكر الأمة بعدة عاهات ، كان أعظمها تأثيرا التعصب المذهبي الذي ساد في تلك الفترة ، ثم الانقسام الذي أصاب الصوفية التي كانت تمثل الوجه الآخر للفكر الإسلامي التربوي .

التعصب المذهبي : 
رغم النشاط الكبير الذي اتسمت به الحنابلة و الأشاعرة في تلك الفترة إلا أنه كان نشاطا ولاؤه للمذهب ، فأدى ذلك التعصب إلى الانقسام و زاده إدعاء كل طائفة أنها صاحبة الحق و الوصية على المسلمين و أهل السنة لإرث قديم لكل طائفة كابن حنبل في محنته و الأشعري في دحض المعتزلة .

آثار التعصب المذهبي : 

١- الآثار الفكرية :
تأطر الإنتاج الفكري بإطار المذهب ، و لم تنل مشاكل الأمة المعاصرة منها إلا إشارات عابرة .

التزام كل رجال مذهب بمطالعة كتبه و من يخرج عن ذلك يمارس عليه الإرهاب الفكري فيوصم بالخروج على المذهب .

انقطاع أصحاب المذاهب عن الاتصال المباشر بالقرآن و السنة ، و التوجه بطاعة عمياء نحو كتب علماء المذهب ، فتعطل الاجتهاد و الإبداع الفكري .


٢- الآثار التربوية و التعليمية:  

_ فساد غايات و أهداف التعليم .
- ضيق مفهوم المنهاج الدراسي لاقتصاره على فقه العبادات و المعاملات وفقا للمذهب .
-- إفساد العلاقات بين الطلاب لجذب كل مدرس مجموعة من الطلاب لمذهبه ، و نشوب الفتن بسبب تعريض المشايخ بمذاهب بعضهم مما يؤدي إلى نشوب معارك بين الفرقتين لم يفصل بينها سوى  الشرطة .

٣- الآثار الاجتماعية : 
تحولت المذاهب إلى طوائف اجتماعية بعد أن كانت في أصل تكوينها  مدارس فكرية لا يدخل فيها غير أهل الفكر و الفقه .
انقسام الناس على بعضهم و المذاهب على نفسها أحيانا و انصرافوا عن التحديات التي تهددهم داخليا و خارجيا ، و أُهدِرت طاقاتهم في الخصومات .

٤- الآثار السياسية : 
تحولت أهداف المذاهب الإسلامية من السعي لتحكيم الإسلام إلى السعي لتحكيم رجال المذهب ؛ فأدى هذا إلى نتيجتين : 
١- تنافس المتصدرون للمذهب في التقرب من السلاطين .
٢- وجد أصحاب المطامع الانتساب إلى المذاهب وسيلة لتحقيق مطامعهم .


الصوفية : 
كان هدف الصوفية تزكية النفس و صقل الأخلاق من خلال مدارس لم تكن تخرج عن قيد الشريعة ، فكان الصوفي من صفا من الكدر و امتلأ من الفكر ..
لكن في عصر الانحطاط الذي سبق الحملات الصليبية أصاب الفكر الصوفي الانحراف و الانقسام ؛ فانقسمت إلى اتجاهات عدة : 

١- الملامية : و هم من رفعوا لواء الملامة أي ترك السلامة ، سارت في طريق المغالاة في الزهد حتى وصفها ابن الجوزي بأنها قد خرجت على تعاليم الشريعة.

٢ --- الحلوليون و أشباههم : 
خرج هؤلاء عن الشريعة ، وهم طوائف مختلفة ، منهم اتباع الحلاج .

٣- التصوف السني : 
على الرغم من تصدره الساحة لتطهيرها من التيارات الصوفية المنحرفة  من خلال تدوين التراث الصوفي و إظهاره كعملية لتزكية النفس ، إلا أنه ظل يعاني من الانقسام و العزلة حتى استقل كل شيخ بأتباعه .


التحديات الفكرية التي واجهت الأمة ما قبل الحملة الصليبية : 

1- تحدي الفرق الباطنية

بسبب ركود الفكر السني ظهرت على الساحة الفكرية فرق باطنية  هدفها افساد العقيدة الإسلامية ، فظهرت الإسماعيلية و الشعوبية و الباطنية و التشيع  .
نشأ فكر  هذه التيارات  نتيجة محاولات الأرستقراطية الفارسية العودة إلى الساحة .


2- تحديات الفلسفة و الفلاسفة : 

دخلت الفلسفة الحياة الفكرية الإسلامية منذ القرن الثاني الهجري ؛ لكنها في القرن الرابع الهجري اتخذت مسلكا آخر من تحدي العقيدة و النبوة و الرسالة .
فكانت تمثل تحديا حقيقيا للفكر الإسلامي الذي أصابه الجمود بسبب العصبية المذهبية .


آثار إضطراب الحياة الفكرية في تكوين المجتمع المسلم :

١- فساد الحياة الاقتصادية : 
الازدهار و التخلف يعتمد على التصور العقلي الذي يوجه طرق الكسب و الإنفاق ، فإن كانت تلك الطرق شرعية عم الإزدهار و الخير ، و إن كانت غير ذلك ظهر الفساد و الخراب ،  و في الفترة التي سبقت الهجمات الصليبية وقع المسلمون في وسائل كسب غير مشروعة ،  وأُنفِقَ المال في الشهوات و لم ينل الإنفاق على المصالح العامة شيئا ، فأهمل الري و الزراعة ...إلخ ، و عانت الجماهير من الجوع حتى الموت ، و أكل بعضهم بعضا .

٢- فساد الحياة الاجتماعية : 
انهار مفهوم الأمة الإسلامية ، و حلت محلها مفاهيم المذهبية ، و العشائرية و الإقليمية ، فنشأت كثير من الفتن .
و سقطت الأخلاق و القيم فأصبحت مثاليات لا يعيرها الناس اهتماما .


٣-- الانقسام السياسي :

بعد وفاة السلطان ملكشاه عام ( ٤٨٦هـ / ١٠٩٢م ) تفككت دولة السلاجقة إلى خمس ممالك ، و شاع بين هذه الدويلات الحروب و الاقتتال ، و انتشرت الانقلابات و تغيّرت الولاءات .

٤- الصراع السني الشيعي :

سعت الدولة الفاطمية إلى تقويض الخلافة العباسية و اجتثاث الفكر السني ، و احلال الفكر الشيعي محله  ، فقاموا بانقلاب عام ٤٥٠هـ في بغداد على الخلافة العباسية و لم ينقد الخلافة إلا مجيء السلاجقة .
ثم تحالفت الدولة الفاطمية مع الإسماعيلية للقيام بعمليات اغتيالات واسعة لقادة الدولة السلجوقية كان الوزير نظام الملك أحدها .
ثم تحالفت الدولة الفاطمية في الشام مع الصلبيين ضد الدولة العباسية .


ضعف العالم الإسلامي أمام الهجمات الصليبية : 

دخل الصليبيون إلى العالم الإسلامي الضعيف الذي يعاني من الفساد و التفكك ، فأطاحوا بملوك سلاجقة آسيا الصغرى ، و دخل أمراء الشام تحت طاعتهم خوفا و ضعفا ، و أستولوا على أنطاكية و بيت المقدس عام ( ٤٩٢هـ/ ١٠٩٨م ) و اقترفوا المذابح في كل مكان .

محاولات لتحشيد الدعم لدفع الصليبيين :  

استغاث أهل الشام بالخلافة العباسية ، و نظم الشعراء و الخطباء في ذلك القصائد و الخطب الباعثة للهمم الميتة ، و تحركت الوفود من المناطق المنكوبة بالصليبيين  لتحفيز الأمة و شرح المعاناة للرؤساء و الأمراء ، فجمع أحد الوفود كيسا بقحف الجماجم و شعر النساء و نثروها بين يدي الخليفة الذي كان مشغولا بحَمامِه المدرب المولع به عن دماء و أعراض المسلمين !

و كل ذلك لم يجد نفعا في أمة لم تعمل بسنن النصر التاريخية التي لا تتخلف .


حركة التجديد و الإصلاح 


المرحلة الأولى لحركة التجديد و الإصلاح ( المرحلة السياسية ) : 
 محاولة سياسية قادتها حكومة السلاجقة الذين زحفوا على بغداد لاستنقاذ الخلافة العباسية من انقلاب البساسيري و مؤامرات الدولة الفاطمية  ، و وجهتها جماعات الشافعية الأشاعرة .

و اتخذت تلك المحاولة وسيلتين لذلك الإصلاح :
 
 ١- السلاح الفكري و نشر العقيدة 
٢- قيام المؤسسات التي تجسد هذه العقيدة في واقع الحياة ، فأقيمت الجامعات و المدارس في المدن و القرى و التي عُرِفت باسم المدارس النظامية  نسبة إلى الوزير نظام الملك .

قائد هذه المحاولة : 
الوزير السلجوقي نظام الملك 
 و اصطفى إلى جانبه عشرات من الشافعية  الأشاعرة الذين تولوا أمور إدارة الجيش و القضاء و الحسبة ، و آخرون تولوا أمور المدارس النظامية .

فشل المحاولة : 
 لم يُكتب لهذه المحاولة  استمرار النجاح إذ سرعان ما اصطدمت جهود الوزير نظام الملك و جماعته بمعارضة السلطان ملكشاه حتى انتهى الأمر بمقتل نظام الملك عام ٤٨٥هـ ، و بذلك تطوى صفحة تلك المحاولة .

المرحلة الثانية : مرحلة  تغيير القيم و المعتقدات و إصلاحها : 

مدرسة الإمام الغزالي الإصلاحية : 

 كانت بداية التجديد و الإصلاح في ميدان القيم و المعتقدات  مع مدرسة الإمام أبي حامد الغزالي الذي شارك في حركة الإصلاح السياسية التي قادها الوزير نظام الملك ؛ فأسند إليه التدريس في المدرسة النظامية .
قرر الانسحاب بعدها من الحياة العامة فقضى عشر سنوات في مراجعة الأفكار و المعتقدات التي سادت عصره ، عاد بعدها ليقوم بواجبه في حركة التجديد و الإصلاح ،  و ركز أهدافه في هذه المرحلة على تحقيق أمرين اثنين :

١- إخراج جيل جديد من العلماء و القادة العاملين الذين تتوحد أفكارهم و جهودهم و غاياتهم بدل أن تتنابذ و تتصارع .
٢- التركيز على الأمراض الرئيسة التي تنخر في الأمة من الداخل بدل الاشتغال بالمضاعفات الناتجة عن هذه الأمراض و منها الأخطار الخارجية .


قواعد منهج الغزالي في الإصلاح : 

القاعدة الأولى :  الأساس في وجود الأمة المسلمة هو إخراجها لحمل رسالة الإسلام إلى العالم كله . 

القاعدة الثانية :  مادام  المسلمون مسؤولين عن حمل رسالة الإصلاح إلى العالم ، و ما داموا قاعدين عن حمل هذه الرسالة ، فإنه يجب البحث عن أسباب هذا القعود من داخل المسلمين أنفسهم .

القاعدة الثالثة :  مادامت الحاجة ماسة إلى تلمس أسباب القعود ، فإن الغاية من هذا التلمس يجب أن تستهدف التشخيص و تقديم العلاج لا مجرد توترات " سلبية " تقوم على التلاوم و تبادل الاتهام .

 مميزات معالجات الغزالي لشؤون الإصلاح و التجديد :  
  • خلو كتاباته من تحريض المسلمين على " جهاد " الصليبيين و أمثالهم من المغول .
  • اعتماد النقد الذاتي ، فلم يلجأ إلى تلمس التبريرات و إلقاء المسؤولية على القوى المهاجمة التي جذبتها عوامل الضعف .
  • انطلاقه من منطلق إسلامي أصيل ؛  و هو البدء بالإصلاح الفكري و النفسي .
  • عالج الغزالي  قضايا المسلمين باعتبار هذه القضايا بعض مضاعفات قعود المسلمين و عجزهم عن حمل واجبهم في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .


تشخيص مدرسة الغزالي الإصلاحية لأمراض المجتمع الإسلامي المعاصر : 

قاعدة الإصلاح و الفساد   الغزالية : 
القاعدة الأساسية - عند الغزالي -  هي نوع العلاقة القائمة بين العقيدة و السياسة و الاجتماع ، فإذا كان هناك عقيدة صافية راسخة يدور في فلكها كل من السياسة و الاجتماع ، و ارتقى العلماء الممثلون لهذه العقيدة ، و احتلوا المكانة الأولى في التوجيه ، صلح المجتمع و انتظمت الحياة ، لكن حين يختل هذا النظام فتدور العقيدة في فلك السياسة ، و يهبط العلماء الممثلون العقيدة لتبرير ممارسات الموجهين للسياسة ، فإن الخلل و الفساد يتسربان إلى المجتمع حتى ينتهيا به إلى الانهيار و السقوط .

 أمراض المجتمع الإسلامي الأساسية : 

1- فساد العلماء : و كان من آثار ذلك ظهور عدد من الأمراض الفكرية و النفسية ، منها :   
  • البعد عن قضايا المجتمع و الاشتغال  بقضايا هامشية لا طائل تحتها .
  • التعصب المذهبي و اختفاء الفضائل العلمية مما أقام الجفوة بين علماء التخصصات المختلفة ، و بخاصة تلك الفجوة التي قامت بين الفقهاء و بين المربين .
  • تفتتيت وحدة الأمة و ظهور الجماعات و المذاهب .

2-انتشار التدين السطحي عند : 
-العلماء : فصار العلم عندهم وسيلة لأغراض  فردية ، فبعضهم حصل العلوم المهمة لكنهم  قصروا في العمل بالعلم ، و بعضهم تركوا أهم العلوم و انصرفوا إلى غيرها.

-أصحاب العبادات و العمل   فمنهم من أهمل الفرائض و اشتغل بالفضائل و النوافل ، و منهم من أهمل جوهر الصلاة و روحها و اشتغل بالجدل.

-فئة المتصوفة :
فمن هؤلاء من اغتر بالزي و الهيئة و المنطق ، و لم يتعبوا أنفسهم قط في المجاهدة و الرياضة و مراقبة القلب و تطهير الباطن و الظاهر من الآثام الخفية و الجلية .

-فئة أرباب المال : 
و هم الذين لم يعرفوا الحكمة الأساسية من المال ،و هي إرساء قواعد العدل الاجتماعي و إعانة الناس على التحرر من شواغل المعيشة التي تعطل عن العبادة أو تحيلها إلى صور لا روح فيها .

-فئة عوام الخلق و أصحاب الأحوال و الفقراء الذين اغتروا بحضور مجالس الذكر و اعتقدوا أن ذلك يغنيهم عن العمل .

ميادين الإصلاح عند الغزالي :

الميدان الأول : 
العمل على إيجاد جيل جديد من العلماء و المربين .
و اشترط في العلماء عدة شروط منها ، أن لا يطلب العالم الدنيا بعلمه ، و أن يهتم  بتحصيل العلم النافع في الآخرة المرغب في الطاعات ، و أن يكون زاهدا في الملبس 
و المشرب و الأثاث، و أن لا يخالط السلاطين و الأمراء ، و أن يكون محترّزا في الفتوى لا مسارعا لها .

الميدان الثاني : 
وضع منهج جديد للتربية والتعليم غايته تخريج " علماء آخرة " يخدمون أهداف الدين ، و يحملون رسالة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر . 

أساس فلسفة التعليم عند الغزالي
تقوم على تحقيق السعادة للإنسان ، و السعادة المقصودة هنا هي السعادة الأخروية لأنها شاملة لكل ما هو مرغوب به . فهي بقاء بلا فناء ، و لذة بلا عناء ، و سرور بلا حزن ، و غنى بلا فقر ، و كمال بلا نقصان ، و عز بلا ذل . و هي مؤبدة لا نهاية له .

منهاج مدرسة الغزالي :
 لم يقتصر ذلك المنهاج على علوم الفقه التي حددها المذهب ، و إنما تكاملت فيه العلوم الدينية كلها كالتوحيد و التصوف و الفقه ، كذلك تكاملت فيه العلوم الدينية و المهن الدنيوية .

و قد ألف الإمام الغزالي كتبا درسها لطلابه لتغطي أربعة ميادين : 
--- العقيدة  ، تهذيب النفس و الإرادة ، دراسة العلوم الفقهية ، الحكمة أو الإعداد الوظيفي .

الميدان الثالث : إحياء رسالة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر  .

دوائر الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر :

الدائرة الأولى : أن يبدأ الفرد بنفسه ليصنع منها نموذج المؤمن المطلوب " فكن أحد رجلين إما مشغولا بنفسك و إما متفرغا لغيرك بعد الفراغ من نفسك . و إياك أن تشتغل بما يصلح غيرك قبل إصلاح نفسك " 
الدائرة الثانية :  أن يُعلّم أهل بيته .
الدائرة الثالثة :  أن يدعو جيرانه .
الدائرة الرابعة : أهل محلته .
الدائرة الخامسة :  أهل بلده 
الدائرة السادسة : أهل المناطق الحضرية في البلاد عامة .
الدائرة السابعة  : أهل البوادي .
الدائرة. الثامنة  : الإنسانية كلها .

مراحل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر : 
١- التعريف بالتعليم 
٢- الوعظ 
٣- الزجر 
٤- المنع بالقهر .

شبهة
لماذا لم يناقش الغزالي موضوع الجهاد في كتابه إحياء علوم الدين الذي ناقش فيه جميع الموضوعات ؟
نرد على ذلك بأمرين : 
١- بعد البحث و الاستقصاء لكتب الغزالي سنجد أنه تناول الجهاد ضمن موضوع " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " 

٢- كان الغزالي يفهم الجهاد بأنه ليس دفاعا عن أقوام و أوطان و ممتلكات ؛ بل هو وسيلة لحمل رسالة " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " التي هي السبب الحقيقي لإخراج الأمة المسلمة إلى الوجود ، و مادام المجتمع الذي عاصره الغزالي قد توقف عن حمل هذه الرسالة ، فإن أية دعوة للجهاد لن تكون ذات فائدة إلا إذا سبقه جهاد نفسي يبدل ما بأنفس القوم و يجعلهم يتذوقون معنى التضحية بالأنفس و الأموال في سبيل الله وفقا لمفهوم الجهاد الشامل الذي له عنده ثلاث مراحل لا ينتقل من مرحلة إلى التي تليها إلا إذا تحققت سابقتها :

الجهاد التربوي ثم الجهاد التنظيمي ، ثم الجهاد العسكري .

الجهاد التربوي الغزالي

 بدأ الإمام الغزالي بالجهاد التربوي و استهدف فيه: 
١- نقد السلاطين الظلمة ، و محاربة المادية الجارفة و السلبية الدينية ، و تصحيح التصور السائد عن الدنيا و الآخرة ، و تحقيق العدالة الاجتماعية بفهم الغاية من المال كآلة لدفع الحاجة .

٢- جهاده التربوي للفرق المنحرفة
 
الباطنية : 
ركز على الأصول الأساسية لهذه الفرقة و بذلك اقتلع جذورها ؛ فبين كيف وضع الباطنية قاموسا لغويا للمصطلحات الإسلامية يخرجها عن مضامينها السليمة و يضعها في خدمة أهدافهم .

موقف الغزالي من الفلاسفة : 

 خلص الغزالي بعد مناقشة كبارهم كالفارابي و ابن سيناء و التركيز على أصول أفكارهم  إلى أنهم يصطدمون بالعقيدة الإسلامية بشكل أساسي و أن تكفيرهم لابد منه في ثلاث مسائل : 
١- مسألة قدم العالم . و قولهم : أن الجواهر كلها قديمة .
٢- قولهم : إن الله لا يحيط علما بالجزئيات الحادثة من الأشخاص .
٣- إنكارهم بعث الأجساد و حشرها .


أهم جوانب التأثير التي تركها الإمام الغزالي في حركة الإصلاح
١- منهجه في تطبيق مبدأ " الانسحاب و العودة " أصبح مثلا احتذاه جمع غفير من مختلف المذاهب و الجماعات الإسلامية .
٢- انحسار التيارات الفكرية المنحرفة التي مثلتها الباطنية و الفلاسفة .
و أثره في محمد بن تومرت التي أدت جهوده إلى قيام دولة الموحدين في الجانب الغربي من العالم الإسلامي



٢- المدرسة القادرية : 
تأسست في بغداد 
أسسها : الشيخ عبد القادر الكيلاني( ٤٧٠هـ ) و قاد نشاطها لمدة نصف قرن .
كان الزهد هو الغالب على عائلة الكيلاني ، فوالده و والدته و عمته و جده من المشهورين بالزهد .
عاش بداية حياته في شظف من العيش ، في زمن شهد اضطرابات سياسية و اجتماعية ، و ثراء علمي تميزت به بغداد ، فدرس الفقه الحنبلي و أحكم أصوله و فروعه ، و قرأ القرآن و الأدب ثم اتجه للزهد و علومه ، و تأثرت مدرسته بمدرسة الغزالي الإصلاحية فكانت ثمرة من ثمارها 




مميزات أسلوب الشيخ عبد القادر في الدعوة و الإصلاح :

١- اعتماد التعليم المنظم و التربية الروحية المنظمة :
فقد كانت لديه مدرسة بنيت من عطاءات الأغنياء و عَمِلَ الفقراء فيها بأنفسهم .
أما تمويل المدرسة فقد أوقف الأتباع و الأغنياء عليها أوقافا دائمة للصرف على الأساتذة و الطلاب و منهم من أوقف الكتب لمكتبتها .
و كان هناك رباط إلى جانب المدرسة يسكنه الطلبة الوافدون من خارج بغداد .

لعبت مدرسته دورا رئيسيا في إعداد جيل المواجهة للخطر الصليبي في البلاد الشامية ، فقد كانت المدرسة تستقبل أبناء النازحين الذين فروا من وجه الاحتلال الصليبي ثم تقوم بإعدادهم لإعادتهم إلى مناطق المواجهة الدائرة تحت القيادة الزنكية ، فمن هؤلاء : ابن نجا الواعظ الذي أصبح فيما بعد مستشار صلاح الدين السياسي و العسكري ، و الحافظ الرهاوي ، و موفق الدين ابن قدامة صاحب كتاب المغني أحد مستشاري صلاح الدين .

كرَّس عبد القادر معظم أوقاته للمدرسة ، فكان لا يخرج منها إلا يوم الجمعة إلى المسجد أو الرباط .

أسلوبه في التدريس و التربية : 
مراعاة استعدادات كل طالب و الصبر عليه .

منهج المدرسة : 
منهج متكامل يستهدف إعداد الطلبة و المريدين علميا و روحيا و إجتماعيا ، و يؤهلهم لحمل رسالة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و توفير فرصة التطبيق العملي لهذا المنهج في الرباط المعروف باسم الشيخ عبد القادر .

 برنامج التدريس في مدرسة عبد القادر : 

الإعداد الديني و الثقافي : 
يتحدد بحسب عمر الطالب أو المريد وحاله ؛ فإن كان من الكبار و العامة درسه الشيخ عقيدة السنة و فقه العبادات من كتابه " الغنية لطالبي طريق الحق ' 
أما إذا كان الدارس طالبا من طلبة المدرسة ؛ فإنه يتلقى إعدادا أوسع يتضمن حوالي ثلاثة عشر عاما تشتمل على التفسير و الحديث و الفقه الحنبلي ، و الأصول و النحو و القراءات على أنه كان يستبعد علم الكلام و الفلسفة و ينهى عن مطالعة كتبها .
و كان الجمع بين الفقه و التصوف شرطا أساسيا للمريدين .

الإعداد الروحي : يستهدف تربية إرادة المتعلم أو المريد حتى يصبح صفاء بلا كدر ، و يصير مع النبي صلى الله عليه وسلم في عقله و مشاعره و معناه و يكون
 دليله و قدوته ، ملتزما السنة في كل شيء .

الإعداد الاجتماعي : حيث يتدرب المريد على ما يجب أن يتحلى به الفرد خارج المدرسة في المجتمع الكبير تشمل تنظيم حياة المريد الخاصة و مع شيخه ، و بزملائه ، وبالمجتمع المحيط .

 
٢- الوعظ العام الذي استهدف إيصال دعوته إلى عامة الناس ، فخصص لذلك ثلاثة أيام في الأسبوع : صباح الجمعة ، مساء الثلاثاء في المدرسة ، صباح الأحد في الرباط .
أسلوبه في الوعظ:
 شديد الحماسة للإسلام مشفقا لما آلت إليه تعاليمه في حياة الناس ، و يود لو استطاع استنفار الخلق جميعا لنصرة الإسلام .

الموضوعات التي عالجتها مواعظ  عبد القادر : 
انتقاد العلماء 
انتقاد الحكام 
انتقاد الأخلاق الاجتماعية المعاصرة 
الدعوة لإنصاف الفقراء و العامة ..

٣- تصدى للتطرف الشيعي الباطني ، و حارب الخصومات المذهبية و التصوف البدعي ، و حاول إصلاح المفاهيم العقدية التي شابها نوع من التخبط و الخلط و التجزئة:  كالقدر ، و الإيمان ، و منزلة الدنيا و الآخرة ، و التأكيد على مركزية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لبقاء المجتمع و سيادة الخير فيه .

 مدارس إصلاحية أخرى : 

 المدرسة العدوية : 
أسسها الشيخ عدي بن مسافر  ، بلغ مرتبة عالية في الزهد و الورع ، و المجاهدات حتى قال عنه الشيخ عبد القادر الكيلاني :" لو كانت النبوة تنال بالمجاهدة لنالها الشيخ عدي بن مسافر " 
أثر في مجتمع الأكراد الهكارية فأنتشر الأمن في تلك المنطقة و ارتدع مفسدي الأكراد و تابوا ، حتى صار لا يخاف أحد في تلك المنطقة الجبلية التي لم تكن آمنة قبل ذلك .
جمع الشيخ عدي بين الفقه و الزهد ، و نال مرتبة عالية فيهم تساوي مرتبة الإمام أبو حامد الغزالي و الشيخ عبد القادر الجيلاني .

مدرسة محمد بن عبد البصري :
أسسها الشيخ محمد بن عبد في مدينة البصرة ، و كان الشيخ يعد من مشايخ العراق ، أسلم على يديه طائفة من اليهود و النصارى ، و كان يمتلك مزارع و قطعان من الماشية الكثيرة ينفق منها على مدرسته و طلبة العلم و الفقراء من أتباعه .

مدرسة ابن مكارم النعال
كان الشيخ محمود النعال الذي تنسب إليه المدرسة يخرج بأصحابه لينكروا المنكر و يريقوا الخمور و يتعرضوا للأذى في سبيل ذلك .

مدرسة الجبائي : 
أسسها عبد الله الجبائي الذي كان في الأصل مسيحيا من قرية " جبة " في جبل لبنان . سُبي و هو فتى ثم نُقل إلى دمشق حيث أسلم هناك ، فاشتراه ابن نجا أحد أصحاب عبد القادر ، فأعتقه ثم أرسله إلى بغداد حيث لازم الشيخ عبد القادر و صحب ابن قدامة في الدراسة ، و كان الشيخ عبد القادر يرعاه و يوده .

التنسيق بين مدارس الإصلاح و توحيد مشيخاتها : 
في الفترة الواقعة بين عامي ( ٥٤٦ - ٥٥٠هـ) تم التواصل و التنسيق بين مدارس الإصلاح في العالم الإسلامي كله و توجيهها لأداء دورها فيما تخصصت به من إشاعة الزهد و تربية الجيل عليه ، فتمت عدة اجتماعات بين مشايخ تلك المدارس و كانت أهم  نتائج هذه الاجتماعات : 
تكوين قيادة واحدة كالتالي :
القطب الغوث : وهو الرئيس الذي تنتهي إليه القضايا و المشكلات .
الأبدال : النواب البدلاء في مدارسهم و مناطقهم .
الأوتاد و الأولياء : يتولون الاتصالات و الإدارات .

نتج عن هذا الاتحاد بين مدارس الإصلاح : 
١- وحدة العمل لدى مدارس الإصلاح .
٢- إرسال النابهين من المدارس المختلفة إلى مدرسة عبد القادر الكيلاني ، لتخريجهم شيوخا في المستقبل .
٣- اختفاء حدة المعارضة من الفقهاء للزهد ، بل أصبح الفقهاء يجمعون بين الفقه و الزهد و يسمون ذلك تكامل الشريعة و الطريقة .
٤- خروج الزهد من عزلته التي كان فيها في حالة التصوف ، و إسهامه في مواجهة التحديات التي تجابه العالم الإسلامي بعد توثق العلاقة بين نور الدين زنكي و العمل معه ثم العمل مع صلاح الدين .


نساء رائدات في حركة التجديد و الإصلاح : 

- الشيخة عائشة بنت محمد البغدادي التي أجازها الشيخ عبد القادر الكيلاني .
كرست وقتها لوعظ النساء و صارت من طلائع الوعظ و الإرشاد و العبادة .

--- الشيخة تاج النساء بنت فضائل ، زوجة عبد الرزاق بن عبد القادر الكيلاني  ، درست مع زوجها في المدرسة القادرية على الشيخ عبد القادر حتى صارت من العالمات الواعظات المشهورات .

---- الشيخة فاطمة بنت محمد البزازة ، درس عليها عدد كبير من خريجي المدرسة القادرية ، منهم الحافظ عبد المغني و موفق الدين بن قدامة .

--- الشيخة فاطمة بنت الحسين بن فضلويه التي كانت واعظة مشهورة في بغداد ، و كان لها رباط تجتمع فيه النساء و الطالبات المتابعات لها ، من طلابها ابن الجوزي الذي ذكر أنه قرأ عليها علوم القرآن و غيره .

___ الشيخة شهده بنت أحمد بن الفرج المعروفة بــ ( فخر النساء ) كانت من كبار العلماء و قادة الإصلاح ، درس عليها خلق كثير من الرجال و النساء .
قال الشيخ الموفق بن قدامة : انتهى إليها إسناد بغداد ، و عمرت طويلا حتى ألحقت الصغار بالكبار ، و كانت تخالط العلماء و لها بر و خير .

 الآثار العامة لحركة الإصلاح و التجديد : 

١- إخراج أمة المهجر ( الدولة الزنكية)

سبب النشأة : نمت بسبب إشارة الوزير نظام الملك على السلطان ملكشاه بتولية سنقر مدن حلب و حماة و اللاذقية ، و عندما توفي خلفه ابنه عماد الدين زنكي الذي أدار ظهره للخلافة العباسية عندما أصابه اليأس من إصلاحها ، و اتجه إلى بناء دولته الخاصة و حمايتها من الخطر الصليبي ، و كان من أولوياته بناء أمة جديدة تقوم بمهام ريادية .
. فلما استشهد خلفه ابنه  نور الدين زنكي الذي أعطى دولته  طابعها الإسلامي الذي عرفت به ؛ فأصبحت الدولة الزنكية مركزا توافد إليه أهل العلم و دعاة الإصلاح و التجديد .

تميزت الدولة الزنكية بــ : 

١- بناء العقيدة السليمة للمجتمع و تطهيره من الأفكار الضالة و المنحرفة ، و ذلك من خلال بناء المدارس الإسلامية  و استقدام مشاهير العلماء إليها الذين قاموا بإعداد النخبة المتعلمة ، و الوعظ والإرشاد للعامة

الميزة الثانية : صبغ الإدارة بالصبغة الإسلامية و تكامل القيادات السياسية و العسكرية و الفكرية : فتخرجت قيادات نوعية فاعلة في مجالات السياسة و العسكرية تميزت بالالتزام العقائدي و الزهد و التعفف و بذل المال من أمثلة ذلك : الوزير أبو الفضل الشهروري الذي كان فقهيا عالما ، و صلاح الدين كان فقهيا دارسا للمذهب الشافعي و أيضا وزيره القاضي الفاضل عبد الرحيم الذي كان تقيا ورعا كثير الصلاة و الصيام ، و كذلك الأمير بهاء الدين قراقوش الذي كان فقهيا و لكنه آثر الحياة الإدارية فكان من أروع القادة و كان حازما في موقفه من الفاطميين و إزالة آثارهم .

فتولد عن تولي مثل هذه القيادات للإدارة الدولة الزنكية توفر الأمن و العدل و احترام الحرمات العامة.


تعاونت المدارس الاصلاحية مع الدولة الزنكية و الدولة الأيوبية  و كملت أوجه القصور فيها و كان لهذا التعاون مظاهر عدة منها : 

1-  الاسهام في إعداد أبناء النازحين من مناطق الاحتلال الصليبي ؛ فكان يتم إرسالهم الى المدرسة القادرية لكونها اشتهرت بانتهاجها سياسة الإصلاح ليعودوا للقتال في الثغور . 
2- تداعى العلماء من جميع البلدان للعمل في مدارس نور الدين و صلاح الدين ، فكان منهم موسى بن عبدالقادر و وفي عهد صلاح الدين كان منهم موفق الدين بن قدامة
 
3- المشاركة في الجيش و الجهاد العسكري 
كانت ابرز المدارس التي عززت هذا الجانب المدرسة العدوية فتخرج منها الأمراء و القادة والجنود الذين تحققت على أيديهم الفتوحات العظيمة ، و قد تشكل قادة جيش صلاح الدين من الأكراد الهكارية الذين ينتمون لهذه المدرسة .

 4 - المشاركة في السياسة:
عمل بعض طلاب المدرسة القادرية مع نور الدين ثم مع صلاح الدين في السياسة،  و اكثرهم شهرةً كان  زين الدين ابن نجا الذي كان شديد الدهاء لدرجة أن صلاح كان يلقبه بعمرو بن العاص، كان ابن نجا مستشارا لصلاح الدين و لعب دورا مهما في زحف جيش نورالدين على مصر حين كان جليساً للخليفة الفاطمي.. و كان لابن نجا دور بالغ الأهمية في إفساد مخطط الانقلاب الذي كان الفاطميون يدبرون لتنفيذه بالتعاون مع الصليبيين من أجل اعادة الحكم للفاطميين، حيث كان ابن نجا يحضر اجتماعاتهم و يراسل صلاح الدين سراً.

التغييرات النهضوية التي ترافقت مع حركة الإصلاح و التجديد في الدولتين النورية و الصلاحية : 

 1- ازدهار الحياة الاقتصادية و العمل:
أزيلت الضرائب و الإتاوات فنشط الناس للعمل و أقبل التجار على التجارة  ، فانتعشت الحياة الاقتصادية ، وبنيت الأسواق و الفنادق و حفرت الآبار و الصهاريج ، و توفرت فرص العمل فأقبل العمال و أصحاب الكفاءة من كل البلدان و توفرت فرص للتدريب و التأهيل المهني .



 2 -إقامة المنشآت و المرافق العامة:
بنت الدولة المدارس المساجد و المستشفيات و الحمامات في جميع المناطق دون تفريق بينها. و جعلت أوقافا خاصة للإنفاق على الفقراء و ذوي الحاجات. و أهتمت  بتأمين طريق الحجاج .

3- بناء القوة العسكرية 
بعد أن ضم نور الدين دمشق إلى مملكته، زاد اهتمامه ببناء القوة العسكرية؛ لأنه أصبح في مواجهة الصليبين مباشرةً: 

 ١-  بناء الصناعة و التحصينات العسكرية
أعطت الدولة في العهدين أولوية كبيرة لبناء القلاع و التحصينات، و اهتمت بالصناعات الحربية، 
فبُنيت أسوار المدن و القلاع   و الأبراج على الطريق بين المسلمين و الصليبيين، و جُعل عليها الحمام الزاجل لتنبيه المسلمين في حالة ظهور قادم من بلاد الأعداء؛ وأنشئت الكثير من التحصينات الحربية، والمصانع الحربية .

٢- بناء الجيش و تدريبه و ذلك من خلال : 

  أ: التدريب العسكري: 
أعدت ميادين للتدريب في عهد نور الدين كان يشارك فيها بنفسه، يتم فيها التمرين على ركوب الخيل و على ضرب السيوف و الرمي. 
و كان يتفقد الجند بنفسه ليشرف على تنظميهم و تسليحهم و كان يفرض للجندي إقطاعاً يعطيه لأهله بعد موته. 
أما صلاح الدين فزادت عنايته بالتدريب العسكري لدرجة انه كان ينام و أمراؤه متدرعين بالسلاح.  
و خصص موارد كبيرة للأسطول البحري و عناه عناية خاصة حتى أصبح قوة ضاربة تتكون من ستون شانية(سفن عملاقة تحتوي على أبراج و قلاع و تحمل150 رجل) و عشرون طرادة (سفن سريعة الحركة تحمل الخيول). 

 ب: التدريب العقدي - الجهاد 
كان يتم إعداد الجند و تربيتهم على الجهاد و تعليمهم المعاني السامية للجهاد، حيث تكون التضحية و الفداء و الشجاعة و حيث يكون الولاء فيه لله أولاً و ليس لقائد أو سلطان. 

ج: تربية الإرادة
كان الغرض من هذا النوع من الإعداد هو غرس حب الجهاد و عشقه و التحلي بالصبر و التضحية و كان ذلك يتم بالمواظبة على أداء الشعائر و الحرص على الذكر و خصوصا عند لقاء العدو.

بناء الوحدة الإسلامية 

تعاون أهالي مملكة دمشق مع نور الدين و عملوا على استقدامه دون إذن حاكمها الدي ناور كثيرا و احتمى بالصليبين كي يمنع حدوث هذه الوحدة لكنه رضخ في النهاية فانضمت مملكة دمشق التي كانت حدودها تمتد إلى حدود مملكة بيت المقدس.

اتجهت انظار نور الدين الى مصر كي يضمها لهذه الوحدة  فبدأ بإزالة الجيوب الصليبية  الواقعة في الطريق الى مصر ثم بعث الدعاة و الوعاظ كابن نجا و محمد بن موفق الخبوشاني الذي أثاروا موضوع الوحدة و هيأوا الرأي باتجاهها.
 بعد اختلاف قادة الدولة الفاطمية لضم مصر استغل نور الدين استنجاد أحد الطرفين به بينما استنجد الطرف الآخر بالصليبين فأرسل جيشاً عظيما بقيادة أسد الدين شيركوه و ابن أخيه صلاح الدين فحدثت بعض المناروات بين أسد الدين و جيش الصليبين انتهت بانسحاب الصليبين و دخول مصر في جناج دولة الوحدة بقيادة نور الدين زنكي و إلغاء الخلافة الفاطمية. 
بعد ذلك مضى نور الدين يحرر الأراضي الاسلامية واحدة تلو الأخرى حتى بلغت أكثر من خمسين مدينة. 


تحرير الأراضي المقدسة 


 نوى نور الدين فتح بيت المقدس لكنه مات و ترك هذا الأمر لواليه على مصر صلاح الدين الذي شرع في منازلة الصليبين و هزمهم في مواقع متعددة الى أن حانت الفرصة للزحف إلى القدس فتدافع جيش المسلمين الذي ضم الأمراء و القادة و المشايخ و الفقهاء من كل المذاهب و مختلف التخصصات فهزموا المحتلين فدخلوا المدينة مهللين مكبرين و اتجهوا للأقصى فنظفوه من أوساخ المحتلين .

محاولة استئناف الفتوحات الإسلامية : 
 
بعد فتح مصر عزم صلاح الدين على استئناف الفتوحات و عبور البحر لمهاجمة مراكب الفرنجة و راسل دولة الموحدين في الغرب ليقوما بهذا الهدف معا، لكن يعقوب سلطان الموحدين لم تعجبه الطريقة التي كُتِبت بها الرسالة لاعتقاده بأنها قللت من احترامه بخلوها من لقب "أمير المؤمنين" فكان هذا الأمر الهين سببا في فشل الاتفاق و ربما كانت أيضا سببا في سقوط الأندلس و تعرّض المغرب للهجمات المتتالية من البرتغال و الأسبان لعدة قرون انتهت بالاحتلال الأوروبي في العصر الحديث.

توقف الفتوحات الإسلامية : 
 مرض صلاح الدين فمات و دُفن في دمشق فتوقف مشروع الفتوحات الإسلامية.

نساء رائدات في حركة الإصلاح و التجديد في الدولة النورية و الصلاحية :

زمرد خاتون زوجة الملك بوري بن طفتكين ،  و كان لها ابنان ، مَلَك أحدهما بعد أبيه ، و مال إلى الفرنجة ، وأراد تسليم أراضي المسلمين؛ فأمرت بقتله، و نصّبت أخاه مكانه، و بعد أن مات قلقت على الدولة؛ فاتصلت بعماد الدين، و تزوجته، و عاشت معه في حلب، و بعد موته عادت إلى دمشق، و ساهمت في حركة الاصلاح و التجديد، و درست علوم الشريعة، و كانت كثيرة البر كثيرة الصدقات، حتى أنه شح ما بيدها قبل أن تموت من كثرة الصدقات. 

 زمرد خاتون شقيقة صلاح الدين و  زوجة ابن عمها محمد بن أسد الدين، شاركت بقوة في الجهاد؛ فبنت مدرستين و أوقفت لهما أوقافا، و بنت مصنعاً للأدوية و صيدلية، و ظلت ملجأ للفقراء و أصحاب الحاجات حتى ماتت. 
 
 الشيخة عفيفة بنت أحمد الفارفانية التي درست على يد عدد كبير من العلماء،وصل عددهم 500 عالم، ثم جلست للتدريس و خرجت عددا من كبار العلماء. 

 فاطمة بنت محمد بن أحمد السمرقندي التي ألفت الكثير من المؤلفات  و كانت من كبار العلماء،و كان نور الدين يستشيرها. 
و هي زوجة المحدث المعروف باسم الكسائي و كان والدها عالما، كانت فاطمة من حِسان زمانها فطلبها السلاطين و الأمراء فامتنع والدها و زوجها للكسائي لنبوغه في العلم.

تقويم مدارس الاصلاح و التجديد و المصير الذي انتهت اليه 
استطاعت مدارس الإصلاح و التجديد  أن تواجه التحديات و أن تحقق الوحدة و النصر في عهد الهزائم و الانقسامات ؛  لكنها لم تنجح في رفد الأمة بما يضمن استمرارية النهوض الحضاري بل أصابها التخلف و انتهى بها الأمر إلى ما عُرِف بالطرق الصوفية و جماعات الدراويش. 

تطرق ابن تيمية الى المآل السلبي لمدارس الإصلاح و أكد على التفريق بين بداياتها التي كانت أصولها على الكتاب والسنة و بين ما انتهت به من نسيانٍ لتلك الأصول.


أسباب عدم الاستمرار في النهوض و التي أدت إلى سقوط الدولتين : 

الأول: نقص الفقه الحركي الذي وجه نشاطات هذه المدارس ، فاهتمت بإخلاص العمل دون التركيز على صواب العمل ، فلم تنظم مسؤوليات العاملين و لم تستثمر الموارد البشرية بما يتناسب مع الاحتياجات المكانية و الزمانية .

 الثاني:  ظهور العصبيات القبلية و الأسرية  في تنظيمها الإداري ، مما أدى إلى توريث الحكم ، و بسبب قلة الخبرة السياسية ظهرت الفتن و الحروب بين الأمراء .
و امتد التوريث إلى المدرسة الإصلاحية ، فورثت المدارس إلى أبناء مشايخ الطرق من دون النظر إلى الكفاءة العلمية حتى سميت تلك المدارس بأسماء من أسسها كـ القادرية و الرفاعية .

 الثالث:  سياسة حكام المماليك الظالمة التي أدت إلى يأس الناس  من العدالة ، فأخذ الناس يبحثون عنها في دنيا الأحلام من خلال نسبة الكرامات و الخوارق إلى مشايخ الصوفية كمخرج نفسي مما تمر به الأمة من يأس و معاناة من الظلمة .


قوانين تاريخية و تطبيقات معاصرة : 

 في التأريخ قوانين تحكّمت بمجرياته و كل الأمم التي عملت بها و انسجمت معها تميزت و سادت  و انتصرت على أعدائها؛ أما الامم التي لم تنسجم معها هذه القوانين و قادها زعماء يجيدون فقط الخطابة و تحريك المشاعر، انتهى الأمر بها الى الفشل.  
 
و من تلك القوانين التي  حكمت الأحداث التاريخية في صحوة الأمة أو سقوطها : 

القانون الأول: أن صحة المجتمعات و مرضها أساسها صحة الفكر أو مرضه ؛ فكل مجتمع يتكون من ثلاثة عناصر هي:  الأفكار و الأشخاص و الأشياء ، 
يتمتع المجتمع بالصحة حين يكون ولاؤه للأفكار التي تكون محورا لكل شيء تدور حولها الأشياء و الأشخاص، و تكون القيادة للاذكياء الذي يجيدون فهم (فقه) الواقع فيحسنون مواجهة التحديات و اتخاذ القرارات؛ أما حين يدور كل شيء حول فلك الأشخاص؛أو حين يدور الأفكار و الأشخاص في فلك الأشياء ،يسيطر ذوو المال و الجاه و مروجو الشهوات ، فينحصر  فهم و تفكير المجتمع في أُطر العائلة و العشيرة أو حول الشهوات الحسية و الاهتمامات السطحية ، فينهار المجتمع و تأتي جماعة بشرية أخرى  لتهيمن عليه أو تدفنه.

أمثلة تطبيقية : 
دوران الأشياء و الأشخاص في فلك الأفكار : عهد النبوة 

دوران الأفكار في فلك الأشخاص أو الأشياء : عهود الانحطاط و سقوط أجزاء واسعة من الدولة الإسلامية في يد المغول .

القانون الثاني
حين تفشل محاولات الإصلاح و تتحول الجهود المبذولة إلى سلسلة من الاحباطات و الانتكاسات سيكون المطلوب هو المراجعة الشاملة لمعرفة أماكن الضعف من أجل تعديلها أو استبدالها ،و تبدأ تلك المراجعة من نفوس قادة التجديد و الإصلاح .

أمثلة تطبيقية :

الإنجازات التي حققها جيل صلاح الدين ما كانت لتظهر لولا تلك المراجعات التي قامت بها مدارس الإصلاح الغزالية .
و في المقابل فإن كل أزمة مر بها جيل من الأمة كانت بسبب عدم مراجعة قادة الجيل لما تقدم من زمنه .

القانون الثالث
الإسلام لا يؤدي دوره الحضاري في تصحيح حياة المجتمعات إلا إذا تولى زمام القيادة الأذكياء و المتفوقون .

أمثلة تطبيقية : 
مشكلة تخلف المجتمعات الإسلامية المعاصرة بسبب إقصاء الموهوبين و العباقرة و إحلال الأغبياء من ذوي الجاه محلهم في قيادة المجتمعات و تسنم المناصب العالية .

مثال آخر :
في مرحلة الإصلاح و التجديد تولى الإمام الغزالي الذي كان يُعد من أذكى الأذكياء قيادة تلك المرحلة فنتج عنها ظهور جيل صلاح الدين و تحرير القدس .

القانون الرابع : 
لن يقود الإسلام إلى حياة راشدة إلا إذا تم عرض منهجه وفق أربع خطوات تسير بالترتيب : 
١- الاهتمام بقيم الشريعة قبل تطبيق حدودها وتنمية هذه القيم في حياة الداعين قبل غيرهم .
أمثلة تطبيقية : 
فشل التجربة الأشعرية الشافعية  حين سعوا للمناصب بحجة ممارسة الإصلاح من خلالها فكانت النتيجة دخولهم في التنافس الدنيوي و المصالح الخاصة .

٢- أن يقترن المظهر الديني للعبادة بالمظهر الاجتماعي و أن لا ينفصل عنه ، و أن يكون محور المظهر الاجتماعي العدل و المساواة و الحرية و الشورى .

أمثلة تطبيقية : 
أخطأت الحركة الإسلامية بتركيزها خلال الثلاثينات إلى التسعينات على لباس المرأة و خروجها دون النظر إلى دوافع هذا السلوك التي تتمثل في غياب العدل و اختلاف فرص العيش و انعدام وسائله .
٣-استمرار  مرحلة التربية على القيم حتى تصبح نسبة الملتزمين قادرة على التغيير الاجتماعي .
٤- التعرف على العناصر الجيدة من البشر ليكونوا أنصارا للدعوات .

أمثلة تطبيقية : 
غفلت الحركة الإسلامية الحديثة عن جماهير الريف و البادية التي تعد من أفضل العناصر البشرية ، فخسروا بذلك جهود هذه الفئة

القانون الخامس : 

قوة أي مجتمع تتكامل من خلال تناسق ثلاث عناصر : المعرفة ، الثروة ، القدرة القتالية .
و تمثل هذه العناصر ثلاث فئات : العلماء ،الاقتصاديون ،العسكريون .

التناسق بينها : أن يدور عنصري الثروة و القوة حول عنصر المعرفة .
في حال عدم التناسق : تتخلف الأمم و تنحط الحضارات .


أمثلة تطبيقية : 
للتناسق : في مدارس الإصلاح و التجديد في الدولة النورية و الصلاحية .

في الدول المتقدمة كأمريكا  يعتمد الساسة و صناع القرار ( العسكريون و الاقتصاديون )  على ما يقدمه لهم رجال الفكر ( العلماء ) ، فيجتمع الفرقاء الثلاثة اجتماعات شهرية ، يناقشون فيها القضايا الداخلية و الخارجية  .

لعدم التناسق :في المجتمعات الإسلامية المعاصرة ، سعت الحركات الإصلاحية  التي شرعت في التنظيم قبل التنظير  إلى تجريح السلطات ( الثروة و القوة العسكرية ) مما أدى إلى خلق صراعا مستمرا كانت له نتائج كارثية على السلطة و المجتمع و الجماعات الإصلاحية 
 .

القانون السادس :
مركزية الإخلاص في  استراتيجية استغلال موارد الأمة و أهمية العمل الجماعي و التدرج التربوي في التغيير ، و يتمثل هذا في نوعين من المؤسسات :
-- المدارس و الجامعات و مؤسسات التخطيط كالأحزاب و الجماعات.
 
أمثلة تطبيقية 
 رأينا كيف تكاملت جهود التربوية في مدارس الغزالي و الجيلاني فمهدت لصوابية التخطيط و التنفيذ.
مثال على عدم تطبيق التدرج في التغيير : 
فشلت بعض  الأحزاب الإسلامية في تأصيل التربية التي تدعو إلى التغيير النفسي  و انتقلت مباشرة إلى التغيير السياسي فاصطدمت بالسلطات .

القانون السابع : 
إذا لم يقم الإصلاح على التنوع و التخصص و توزيع الأدوار فسوف ينتهي إلى الفشل و الإحباط المدمر .
و وجوب العودة إلى ماضي الأمة لمعرفة نقطة الانحراف التي ابتدأ عندها المسار الخاطئ .
مثال على ذلك : عودة أوروبا إلى فلسفة اليونان بعد القرون الوسطى لتكون سببا في نهضتها الحالية .

القانون الثامن : 
إذا لم تترجم أفكار الإصلاح و الوحدة إلى أعمال و تطبيقات صائبة فسيزداد ضعف المجتمع و يتعمق فيه الخراب بسرعة مذهلة ، فالتناقض بين الفكر و التطبيق يؤدي إلى حدوث انتفاضات فكرية تخرب المجتمع و تفسده .
مثال ذلك :يتربى الناشئة على أفكار الوحدة و الحرية و تحرير الأرض و هي أفكار صائبة ؛ و لكنه حين يشرع في تطبيقها تبدأ المؤسسات الأمنية بقمعه و معاقبته فيؤدي ذلك إلى غسل الأدمغة من الإيمان بالوحدة و الحرية ، و النقمة الشديدة على المجتمع و الثورة على السلطات .

القانون التاسع :
لا تكون أفكار التجديد مؤثرة إلا إذا جسدتها في الواقع مؤسسات خالصة الغايات صائبة الممارسات .
و هذه المؤسسات هي : 
الأسرة ، المدرسة و الجامعة ، الإعلام ، المسجد ، الإدارة و الأمن .

فالأسرة تكون وظيفتها حسب النموذج القرآني حسن التربية و صيانة الإنسانية لأفرادها ، فالزوجان يجب أن يكون كل منهما مثالا للآخر .
و هذا بخلاف نموذج الأسرة التقليدية التي لم تستطع مواكبة العصر ، و كذا بخلاف نموذج الأسرة الحديثة التي أصبحت تجارية الطابع مع خروج المرأة للعمل .

و بقية المؤسسات لابد من وجود الرسالة الإسلامية التي تحكمها و تجمع بين الجِدة و الأصالة .

القانون العاشر :
في فترات الإزدهار أو الانحطاط تتساوى مستويات الأداء و الإنجاز عند الأفراد و الجماعات في ميادين الحياة المختلفة .
فالنجاح في ميدان معين لا يقتصر على ذلك الميدان و إنما يمتد إلى مجالات أخرى ، و كذلك الفشل .
و العامل الحاسم في تحديد مستوى العمل و الإنجاز هو مدى رُقي التربية أو تخلفها ، و التربية الراقية هي التي تنجح في الانتقال بالناشئة من حالة الاعتماد على الغير إلى مرحلة الاستقلال في العمل و الاستقلال في التخطيط و التنفيذ ، و لا يحدث هذا الاستقلال إلا حين يُقدر الفرد أهمية التعاون مع الغير .

القانون الحادي عشر : 
يتناسب مقدار النجاح بمقدار مراعاة قوانين الأمن الجغرافي .
و معنى هذا أن كل منطقة لها خصوصيتها التي تتناسب مع موقعها الجغرافي .
تطبيقات هذا القانون :
في العهد النبوي كانت مكة و المدينة هي الحواضر ، فيما كانت الشام هي أرض الجهاد أو الرباط  إلى يوم القيامة حسب الأحاديث النبوية .
نخلص من هذا أن أرض الشام هي نقطة الضعف إذا كان منقسمة و ضعيفة فستكون النقطة التي يعبر منها أعداء الإسلام ، و هذا ما حدث عندما كانت الشام ضعيفة جاءت عبرها الحملات  على العالم الإسلامي .
و ستكون عامل قوة عندما تتوحد فتصبح نقطة تأمين و منها ينطلق الفتح .



تمت بحمد الله


قام بالتلخيص:
أم هادي
أبو مازن


.

تعليقات