بقلم : سكينة زݣاغ
كانت الساعة تشير إلى الدقيقة 60.. لامجال للتباطؤ أو التكاسل.
ظللت أهرول في الطريق باحثة عن ضالتي، لم يمهلنِ المقام وقتا لتوديع أحبتي، كنتُ كالهارب من الزمن إلى العدم.. ناديت بأسمائهم واحدا تلو الآخر وقلت بنبرة واحدة:
- إلى اللقاء، الوقت يداهمني، والضالة في الطريق تنتظرني.
هكذا خرجت، صائمة من كل شيء ما خلا الجري السريع، أقابل أحدهم في الطريق فيحثني هو الآخر على مواصلة الجري، كأنما خلق الجري لي وحدي في تلك اللحظة.
أصل لاهثة بعد طول مسافة، فأعانق الضالة، ونمضي معا في سرى الوجود كوجهيّ العملة الواحدة، فهي قدري، وأنا قدرها. والشمس في كبد السماء شاهدنا.
تمر الساعات ونبض من تركت يجري جرياني في اللقاء الأخير، تكاد أفئدتهم تخرج من مكانها، ليس فرحا، بل خوفا عني من الزمن الذي سرقني فجأة.. كالقمر كنت بينهم فغزانا الضباب.
لم يهدأ لهم بال حتى سألوا عني الطريق وسالكيها.. وسكان تلك البلاد البعيدة التي ظنوا أنها وجهتي. فجاءهم الجواب من الشاهد الوحيد.
كانت الشمس قريبة من الغروب، تتثاءب كالطفل الصغير مودعة يوما ثقل على كاهلها، وهي التي رأت الحادث بكل تفاصيله، يتراءى لها شبح بعيد يلوح بيده طلبا منها الوقوف ولو للحظة.. تنصت للرياح وهي تمر بين السحاب وتنقل الأصوات، فتسمع بينها اسما مألوفا، بين السين والنون تعرفه جيدا، وكيف لا والثقل مابرحها.. يتردد الصوت مرة ومرات.. فتفقهه بعد طول إنصات:
- سكينة.. سكينة...
لم يجد جدي الشيخ المبارَك جوابا ممن طرح عليهم السؤال، فرفع بصره إلى السماء قائلا:
- اللهم احفظ حفيدتي سكينة.
ظل يردد اسمي كالقافية بعد كل دعاء، حتى جاءه الخبر، وشهد شاهد من السماء.
- " إن كان من الضالة عليها خوفكم، فهي في المأمن والأمان، وإن كان من الجري عليها خوفكم فهي جالسة يطيب لها المُقام. وإن كان من الطريق فهي في رعاية الله لا يصل إليها الأنام."
تبسّم ضاحكا من قولها، ثم أردف :
- " فلتخبريها غدا أن جدك يوصيك بنفسك خيرا، وحقا، وعدلا.. لا تَظلمي ولا تُظلمي، ولتمسكي بدينك قبضا، فمن حفظ دينه حفظه الله. ولتجعلي الدعاء رفيقك، وطلب العلم دوما شعارك، والجنة غايتك، فتعملي لدنياك ولدينك. ولتكثري من السؤال عنا والاتصال بنا، فلا لفراقك نقوى، ولا لبعدك نصبر. والله ولينا ووليك، نعم المولى ونعم النصير، وهو خير حافظا."
#حفيدة_الشيخ_المبَارك
#العنقاء_سكينة_زݣاغ
تعليقات
إرسال تعليق