بقلم : محمد الصناعي
لقي الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله الخنساء في الحج، فقال لها: يا خُناس ما أبكى مآق مقلتيك؟
قالت: بكاء السادات من مضر يا أمير المؤمنين!
قال: يا خُناس أولئك قومٌ قضوا في الجاهلية!
قالت: كنتُ أبكيهم للثأر، والآن أبكيهم للنار!
قتل الحسين عليه السّلام حنيفًا مسلمًا شهيدًا مبشرًا بالجنة قبل ألف وأربعمائة عام، فتحوّل إسلام الشّيعة إلى حسينية، يبكون ويلطمون ويثأرون من أمة أبت أن تكون نائحة!
فإن كانوا يؤمنون أن الحسين من سيدي أهل الجنّة أو حتّى من أهلها، فلماذا ورثوا بكاء الخنساء وكأنّه من سادة مضر؟
إن كان إنتسابهم إلى النبي عليه الصلاة والسلام كذبًا، فما أجرأ الكذب وأوقحه، وإن كان صدقًا، فما أهون آصرة النسب وأسرعها إلى الانحلال!
وضع جنكيز خان قوانينًا، ظلّ أحفاده يتوارثون تقديسها قرونًا، إن سمعها أحدهم ركع، وإن حاججه بها عدو، خضع.
فكيف نحاجج هولاء بسنة من ينتسبون إليه وهم أبعد الناس عنها!
قبل فتح مكّة، قال الرّسول صلى الله عليه وسلم مخاطبًا قريش: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن...) ولم يستثن قاتل حمزة.
بعد فتح مكّة، قال الرّسول صلى الله عليه وسلم مخاطبًا قريش: (اذهبوا فأنتم الطّلقاء) ولم يستثن قاتل حمزة.
على الرّغم أن قاتل حمزة كان استثناء عن قريش، لا أتى مع الذين أتوا النبي مسلمين، ولا مكث مع الذين مكثوا خلف الأبواب المغلقة، بل خرج من مكّة مشركًا يهيم على وجهه، قد تألفت ظروف القصاص ولم يتبقَ سوى أن تخرج كتيبة في طلبه، لكنّه لم يخرج إلا بلال، أدركه، فأمّنه وأتى به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يشهر إسلامه، فقبله!
وما استهان عليه الصلاة والسلام بدم عمّه حمزة (أسد الله)، ولكن الإسلام عظيمٌ، ليس لبشر قُتل- وإن كان نبيه صلى عليه الله- أن يحوّله من رحمة عالمية إلى ثأرٍ عائلي.
تعليقات
إرسال تعليق