بقلم : محمد الصناعي
قال لي:
أنتوي نشر كتابي العشرين، بماذا تنصح؟
قلت له:
لم يحصل أن قارئًا بسيطًا نصح مؤلّفًا عظيمًا ألّف عشرين كتابًا!
قال:
حصل أن أمّيًا بسيطًا (ما أنا بقارئ) نصح أمّة عظيمة تربو عن المليار!
قلت:
أووووه.. حتّى وأنت تستنصحني تُظهر غناك عن نصيحتي!
قال:
أويكون أحدنا في غنى عن نصيحة الآخر؟
قلت:
لابد للمؤلّف أن يستغني عن نصيحة قارئيه ويظل يسديها لهم، وإلا أختلت طبيعة العلاقة بين الأعلى والأدنى.
قال:
النّبي صلّى الله عليه وسلّم لم يستغن عن نصيحة أتباعه، وما أختلت طبيعة العلاقة بين الأعلى والأدني حينما أخذ بنصيحة الحَباب، ولا أختلت وهو يسألها من أصحابه: (اشيروا عليّ أيّها القوم.. وكررها ثلاثًا)!
قلت:
إلحاحك في استنصاحي يُعرّي جهلي أكثر، فأكثر، فأي نصيحة ترجوها من جاهل مثلي؟
قال:
فعجّل بها إذن، فإنّي لا أفرّط بنصيحة ناصحٍ مثلك!
قلتُ:
التّواضع كبرٌ شنيع حين يكون رياءً، أعلم هذا أيّها المؤلّف الشّهير!
قال:
فليكن رياء أو أضغات أحلام، هي نصيحة سألتُها، ولابد لي منها.
قلتُ:
أين الذين لا يسألون النّاس إلحاحًا؟
قال:
إنّما أتشبّث بحقّي ولا أتسوّل. حقّ المسلم على المسلم ليس فقط تشميته إذا عطس.
قلتُ:
أمّا وليس من النّصح بدًّا، فاخبرني، ما عنوان الكتاب الذي تنوي نشره؟
قال:
(لا تنسَ)..
قلتُ:
حسنًا..
لا تنسَ وأنت تقرّر نشر كتابك، أشجارًا تُنشر في صناعة الورق. إنّ لم يجد القارئ في كلّ صفحة ظلًا وثمرة، فاستبق له الشّجرة.
لا تنسَ وأنت تقرّر نشر كتابك، ساعةً توخذ من قارئ سيُسأل عن عمره يوم النّشور. إنّ لم تكن صفحة الكتاب عامًا، فاستبق له السّاعة.
قال:
نصيحة لو سمعتها قبل امتهاني النّشر، ما نشرت كتابًا قط..
قاتلك الله، ما أثقل ما ألقيت من شعور المسؤوليّة!
قد أحرقت بنصيحتك مسودّة كتاب، بل وقتلت بها مؤلّفًا، فاذهب قد عفوت عنك!
قلتُ:
بل قتلك إلحاحك عزيزي القارئ (منذ الآن)..
كم جنّبتُ عنك النّصح تلافي لهذا المآل، لعلمي أني ناصح فظ، فظ لأني أستشعر المسؤوليّة عظيمةً، عظيمة فوق طاقتي.
ولكن عليك أن تعلم بأنني ناصح منصف، بدأت بنفسي فنصحتها، فهأنذا وحتّى اليوم لم أنشر مقالًا في جريدة!
تعليقات
إرسال تعليق