بقلم: عبد الله سعيد الصامت
اطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة
قال النبي ﷺ لسعد بن أبي وقاص: «ادع الله أن يجعلك مستجاب الدعوة». حينها استوعب سعد ذلك الأمر وفهمه جيدًا وأدرك أهميته، ثم طبقه في حياته، فكان مستجاب الدعوة. وقد رُوي أنه حتى من حوله لاحظوا أثر دعائه، إذ قال رجل يتحسر: "لقد أصابتني دعوة سعد".
علم سعد أن هناك موانع كثيرة تمنع قبول الدعاء، وكان أهمها ما يتعلق بـ مطعمه ومشربه وملبسه، وهذا شرط بالغ الأهمية نظرًا لخطورة تأثيره على استجابة الدعاء.
الأمثلة النبوية على الدعاء والاستجابة
تذكر الروايات حديثًا عن رجل حاول أن يستجيب له دعاءه، رغم أنه اتخذ جميع الأسباب، لكنه لم يُستجب له، لأن مطعمه حرام، مشربه حرام، وملبسه حرام، ومع ذلك كان في السفر وطويل العبادة، مد يديه إلى السماء قائلاً: "يا رب يا رب". لكن الله تعالى لا يرد يدي العبد صفراً إذا كان متبعًا الحرام.
قال تعالى: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض؟ أإله مع الله؟ قليلا ما تذكرون" (سورة النمل:62)، وهذا دليل على أن الله مستجيب للمضطر، إذا دعا بما يرضيه.
سعد بن أبي وقاص: نموذج مستجاب الدعوة
سعد كان صحابيًا جليلًا، من العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين في الإسلام. أول من رمى بسهم في سبيل الله، وجمع النبي ﷺ له والديه يوم أحد قائلاً: "ارم سعد فداك أبي وأمي"، ولم يقلها لأحد غيره. كما كان قائدًا في معركة القادسية الشهيرة بين المسلمين والفرس سنة 14 هـ.
وعرف سعد أن الدعاء لا يكون مستجابًا إذا ارتكب الإنسان الإثم أو قاطع الرحم. فقد ورد في صحيح مسلم: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم».
كذلك لم يكن يستعجل الإجابة، فقد ورد عن النبي ﷺ: «يستجاب لاحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت ولم يستجب لي». وكان سعد قوي الإيمان، كثير الذكر، زاهدًا في الدنيا، وهذه الصفات من أقوى العوامل التي جعلت دعاءه مستجابًا.
شروط استجابة الدعاء العملية
- ابتعد عن الإثم في كل شيء: مطعمه، مشربه، وملبسه.
- صلة الرحم وعدم القطيعة.
- الاستعجال في الدعاء يضعف الاستجابة، فكن صبورًا.
- الإخلاص في الطاعات والذكر.
- الزهد في الدنيا، وتوجيه القلب لله وحده.
- أخذ جميع الأسباب العملية، مثل التحين للأوقات المفضلة والأماكن المباركة.
الأوقات المفضلة للاستجابة
- جوف الليل الآخر.
- آخر ساعة من يوم الجمعة.
- بين الأذان والإقامة.
- عند الإفطار من الصيام.
- في المساجد، خاصة عند أداء العبادات والذكر.
اتباع بقية الأسباب العملية
سعد لم يقتصر على الشروط الروحية فقط، بل كان ملتزمًا ببقية الأسباب التي تضمن استجابة الدعاء، مثل: المحافظة على الصلوات، الصدقات، الأذكار اليومية، والتحكم في النية والنية الصافية قبل الدعاء.
ابن القيم في كتابه "الدواء والدواء" ذكر: «الأدعية والمتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه لا بحده فقط». وهذا يعني أن اتخاذ الأسباب العملية مع الإخلاص والنية الصافية هو ما يضمن الاستجابة.
رسالة عملية للقارئ
احرص على أن يكون مطعمك ومشربك وملبسك طاهرًا، ولا تقطع الرحم، وكن صادقًا ومخلصًا في كل عملك. تحين الأوقات المباركة للعبادة، وادع الله بقلب صافٍ، فتستجيب دعواتك بإذن الله.