القائمة الرئيسية

الصفحات







بسم الله الرحمن الرحيم .

لا يعود ذلك إلى أهمية الموضوع وجِدة على المكتبة العربية فحسب .. بل إلى براعة الكاتب في تقسيمه لفصول الكتاب ، كل فصل منه طرح فيه موضوعًا متفردًا، وإن بدت الأفكار في كل فصل مستقلة إلا أنها هي الأخرى تشترك فيما بينها في كونها من معززات الهشاشة النفسية المعاصرة كما يراها الكاتب.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين... صلى الله عليه وعلى آله اجمعين ..
حصد كتاب الهشاشة النفسية لمؤلفه د.إسماعيل عرفه ، على  إنتشارٍ واسعٍ واستحسانٍ كبيرٍ من قِبَل القراء ، ويعد هذا الكتاب من الكتب القلائل  التي تطرقت لظاهرة الضعف النفسي والعاطفي لدى الشباب العربي المعاصر ..
فمن هو د. إسماعيل عرفة :
صيدلي ومؤلف مصري، تخرج في كلية الصيدلة بجامعة الأسكندرية عام 2018م، له العديد من التقارير المنشورة بقسم رواق على موقع ميدان، ويعمل كباحث ومترجم.

مؤلف كتاب (لماذا نحن هنا؟ تساؤلات الشباب حول الوجود والعلم والشر والتطور)

مترجم كتاب(صنع الدولة الحديثة: التطور النظري لبريان نيلسون )

مؤلف كتاب (الهشاشة النفسية: لماذا صرنا أضعف وأكثر عرضة للكسر؟ )

وفي هذا الكتاب يستعرض معنا د. إسماعيل عرفة إشكالية من الإشكالات النفسية المعاصرة التي انتقلت إلى مجتمعاتنا للأسف كما انتشرت من قبلنا في الغرب الحديث ، ألا وهي  الهشاشة النفسية 
ويحذر فيها الكاتب من تأثيرات المواد الإعلامية المسببه بالضعف للنفس البشرية ، وكذلك الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وما حملته من تعظيم للأنا والقيم الفردية  ومن هنا يستعرض معنا د . إسماعيل مظاهر تلك الإشكالية وأسبابها مع مقترحات عملية للتغلب عليها نفسيا ومن المنهج الإسلامي
لنعرّف اولاً المقصود بالهشاشة النفسية :
هي عبارة عن حالة شعورية تعتريك عند وقوعك في مشكلة ما ، تجعلك تؤمن أن مشكلتك أكبر من قدرتك على التحمل ، فتشعر بالعجز والانهيار عند وقوع المشكلة وتظل تصفها بألفاظ سلبية مبالغ فيها لا تساوي حجمها في الحقيقة ، وإنما هي أوصاف زائدة لا وجود لها إلا في مخيلتك ، فيزيد ألمك وتتعاظم معاناتك ..
ثم ماذا ؟ ! ...... ثم تغرق في الشعور بالتحطم الروحي والإنهاك النفسي الكامل ، وتحس بالضياع وفقدان القدرة على المقاومة تماما ، وتستسلم
كما تتجلى الهشاشة النفسية في أشكال أخرى في تعاملاتنا اليومية
فنحن نعظم مشاعرنا ونجعلها حكما نهائيا على كل شيء تقريبا ونقرر اعتزال كل ما يؤذي مشاعرنا ولو بكلمة بسيطة .. نكره نقد أفكارنا لأن النقد بالنسبة إلينا صار كالهجوم .. نعشق اللجوء إلى الأطباء النفسيين في كل شعور سلبي في حياتنا ونهرع إليهم طلبا للعلاج .. لا نتقبل النصيحة ولا نرغب في أن يحكم أحد علينا نلتمس العذر لأي خطأ أو إجرام بدعوى أن مرتكبه متأذي نفسيا .
يعتبر الكتاب محاولة لتوضيح هذا الداء في جيل زي/z  (مواليد 1997 وما بعده) كما ذكر والذين ينتمون للطبقات العليا والوسطى .
و‏يتكون الكتاب من مقدمة وثمانية فصول وخاتمة على النحو التالي:

مقدمة: أهلًا بك في عالم الهشاشة النفسية "snowflakes".

الفصل الأول: مدخل: جيل رقائق الثلج.

الفصل الثاني: هوس الطب النفسي.

الفصل الثالث: الفراغ العاطفي أم الفراغ الوجودي؟

الفصل الرابع: السوشيال ميديا: أصل كل الشرور.

الفصل الخامس: لا تحكم على الآخرين!

الفصل السادس: مشاعرك الداخلية: أسوأ حَكم في حياتك؟

الفصل السابع: مخدرات الشغف.

الفصل الثامن: مفتاح النجاة: أنا مريض نفسي إذن أنا أفعل ما أريد.

وخاتمة في نتائج البحث وتوصياته


رقائق الثلج

في هذا الفصل يأخذ الكاتب بأيدينا لنخطو اولى خطواتنا في فصول هذا الكتاب ..حيث يعرض علينا ثلاثه مشاهد تكاد تطابق تفاصيلها مواقف كثيرة تمر علينا في حياتنا  ..

مشهد الفراق الأليم ..

اعجاب بين رجل و امرأة ..فوله.. فتعلق ..ففتور ..ففراق ..فإنهيار تام في معنويات الشخص ..وكأن هذا الفراق حطم حياته ..ويدخله دائرة الإكتئاب ..


مشهد2  (قف للطالب وبجله تبجيلا) 

تبدأ الحكاية من شجار محتدم بين طالبين او طالب ومشرف ، وسباب وشتائم مبتذلة ،ثم يتم الإستدعاء للإدراة للقيام بإجراء عقابي يتناسب مع حجم الخطأ ، ثم يقوم الوالدين بإرسال شكوى للمدرسة ضد المدرس بأنه اذى ابنهم نفسيا!

مشهد3  (النجدة ياصديقي !ولكن لماذا؟ )

يتصل بك احد الاصدقاء ويشتكي لك ازمة عارمة اجتاحت حياته وجعلته منهارا تماما ، تلتقي بصديقك وتهدئه ،ثم تكتشف ان مشكلته بسيطه جدا ، وموقف عادي من مواقف الحياة التي يتعرض لها ملايين الناس كل يوم!

تضخيم الألم

 هي عبارة عن حالة شعورية تعتريك عند وقوعك في مشكلة ما ، تجعلك تؤمن أن مشكلتك أكبر من قدرتك على التحمل ، فتشعر بالعجز والانهيار عند وقوع المشكلة وتظل تصفها بألفاظ سلبية مبالغ فيها لا تساوي حجمها في الحقيقة ، وإنما هي أوصاف زائدة لا وجود لها إلا في مخيلتك ، فيزيد ألمك وتتعاظم معاناتك.

رجال مراهقون ونساء مراهقات :

قد تتصور أن المراهقة مرحلة عمرية تبدأ مثلا في 14 عاما ، وتنتهي مع حلول 18 أو 19 عاما بحد أقصى ، لكن في عالمنا الحديث ، وبسبب مجموع من العوامل ، تطول فترة المراهقة وتمتد أحيانا إلى منتصف العشرينيات .
فتجده مراهقا في علاقاته بالآخرين ، في تعامله مع مشاكل الحياة اليومية ، وفي فهمه وتصوره عن حقائق الأشياء وطبائع الأمور . 

لكن كيف وصل بنا الحال إلى ما نحن عليه ؟ 
كيف استمر معهم طور المراهقة طوال هذه المدة ؟! 
لماذا تأخر نضجهم النفسي والذهني ونموهم العقلي والاجتماعي كل هذا الحد ؟!

جيل رقائق الثلج

انطلاقا من هذه التساؤلات تمت تسمية جيل المراهقين والشباب الحالي بجيل رقائق الثلج Generation Snowflake من قبل العديد من المحللين ) وخصوهم بالتشبيه ب ( رقائق الثلج  لسببين أساسيين : 
الأول لأن رقائق الثلج هشة جدا ، وسريعة الانكسار ، لا تتحمل أي ضغط عليها
أما السبب الثاني لتشبيه جيل الشباب برقائق الثلج فهو شعور کل فرد من هذا الجيل بالتفرد ، فالنظرية العلمية السائدة تقول إن رقائق الثلج لها هياكل فريدة ، ولا يمكننا أن نجد رقيقتين متشابهتين أبدا ، كذلك هذا الجيل : يطغى لديه شعور عارم بالتفرد ، ويتم تغذيته دائما بأفكار التميز والريادة ، ويحس دائما بالاستحقاق.

الهشاشة تربية وليست طبيعة

يأتي نسیم طالب ، الأستاذ بجامعة نيويورك ، ليشرح لنا في كتابه : ( ضد الكسر ) أن الإنسان منذ صغره لديه مرونة نفسية من التكيف مع المؤثرات الخارجية وفقا لاستجابته لها ، ويقسم الناس إلى ثلاثة أصناف : ضعيف ، وقوي ، ومتین غیر قابل للكسر ) .
لذلك ، فإن استجابة جيل الشباب والمراهقين للضغوط قد تختلف جذريا عن استجابة آبائهم وأمهاتهم لها ، والسبب في ذلك يعود إلى التنشئة والتربية ومدى المرونة النفسية والقدرة على المقاومة والصبر على المكاره .


المرونة النفسية تنمو تدريجيا

ظهرت الهشاشة النفسية بين جيل المراهقين لأسباب كثيرة ، من أهمها عدم تحمل هذا الجيل للمسئوليات منذ صغره ، حتى في أبسط الأمور ، وتعوده الدائم على الاعتماد على غيره في إنجاز أهدافه ، أو مذاكرة دروسه  ، أو إنهاء مشاغله . 
هذا الانفكاك الكامل بين خبرة الشاب أو الفتاة وبين الحياة الحقيقية تجعله أكثر دلالا ، وأكثر انهزاما أمام الضغوط .
ومن هنا نادت الكاتبة الأسترالية كارين فاريس بتدريب أنفسنا على المرونة النفسية 
ومن الفوائد التي ذكرتها فاریس : 

تحسن صحتنا النفسية والذهنية .

تحسن الأداء الإدراكي المعرفي .

الحفاظ على الهدوء الداخلي في المواقف المجهدة .

النظر إلى الحياة على أنها سلسلة من التحديات لا المشاكل . 

الاستقرار في مواجهة الأزمات .

القدرة على الثبات والازدهار في حالات الضغط المستمر .

القدرة على الارتداد إلى الوراء والتعافي بسرعة من الانتكاسات . 

وأخذ العبرة من الإخفاقات والنكسات التي تعد فرصا للتعلم .

هنا يمكننا النظر إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم :  ( إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلم) الذي يضيف إليه البعض عبارة : (وإنما الصبر بالتصبر )



احمل مسؤليات من الآن

إن توطين النفس على الصبر على المكاره ، والالتجاء إلى الله ، واستنفاد الوسع في الأخذ بأسباب القوة ، تخرج الإنسان من ضيق المشاكل والأزمات الصغيرة إلى رحاب القضايا الكبرى للمسلمين والانتماء لعموم أمة الإسلام ، كما روي في الحديث :  ( إن الله يحب معالي الأمور ويکره سفسافها)
وتعلم الصحابة الكرام من بعده صلى الله عليه وسلم و السير على هذا النهج ، كما قال سیدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه :  ( علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل ) ، أو كما قال سیدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه :  ( أمرنا أن نعلم أولادنا الرمي والقرآن ) .

الفصل الثاني



من منا لايتعرض لصدمات في حياته؟

والصدمة هي الهزة النفسية القوية التي نشعر بها من داخلنا فتشل قدرتنا على التفكير والتعامل مع الناس بطريقة طبيعية . 
الصدمات جزء لا يتجزأ من حياة بني آدم ، فإن الحياة أيضا لها أحزانها وأفراحها ، ويسرها وعسرها ، وسرائها وضرائها .
 ومن هنا فإن التقلبات المزاجية ، والصدمات الحياتية ، والظروف المعيشية الطبيعية تملي علينا أحيانا مجموعة من الضغوط التي نستجيب لها بالحزن تارة وبالتوتر تارة وبالقلق تارة 
وبحسب مقاومة الشخص ومرونته النفسية يبدأ في مواجهة هذه المواقف السلبية وتقبل أثرها السيء ، ثم يبدأ في البحث عن الدعم من أصدقائه أو عائلته ، أو تفريغ طاقته السلبية في المشي أو ممارسة الرياضة ، أو البوح عما بداخله لأحد المقربين منه ، أو اللعب بألعاب الفيديو ، حتى يستعيد اتزانه النفسي إلى ما كان قبل وقوع هذه الصدمة



ما الصدمة تحديداً؟

عرف الدليل الثالث اضطراب ما بعد الصدمة بأنه تجربة عنيفة وشديدة الهول يختبرها المريض  ولم يترك الدليل الحبل على الغارب ليكون المعيار ذاتيا كما يراه الشخص ، كل وفق منظوره الخاص ، بل كان محددا بظروف معينة مثل : الحرب ، الاغتصاب ، والتعذيب ، كل ذلك قد يسبب انسحابا للشخص من الحياة .
ولم يتم تصنيف هذه الطلاق وموت عزيز والرسوب  إذن كاضطرابات ..لماذا  ؟ 
ببساطة لأنه كان من الطبيعي أن الأشخاص الذين يعانون من هذه التجارب يتعافون منها بدون تدخل دوائي أو علاجي ، فكثير ممن يعانون من صدمات في حياتهم ( يتعافون بدون تدخل علاجي البتة ويطورون بأنفسهم میکنازمات نفسية لتجاوز آثار الصدمات ) ، كما وضح ذلك مركز علاج تعاطي المخدرات الأمریکی

تضخم قديم في الغرب جديد عندنا

نشر آلن فرانسيس كتابه (حفاظا على السواء النفسي: ثورة داخلية على إفراط التشخيص في الطب النفسي) و اطلق فيه صيحة تحذر من هذا التضخم  و اشار الى آثار الأدوية التي يجب التعامل معها رغم عدم الحاجة اليها لأن الشخص الذي تعطى اليه يكون سويا رغم ذلك يتم تشخيصه على أنه مريض نفسي.
 و كما أشرنا من قبل إلى مفهوم "الصدمة" و كيف حصل تغيير في اعتباره إضطرابا من عدمه،فقد اشار فرانسيس كذلك إلى مفهوم "الإكتئاب" و كيف أن هنالك إفراط عند الجيل الجديد في تصوير كل نوبة حزن بسيطة تمر عليه على أنها اكتآب حاد. 



الحزن ليس اكتئابا 

من هنا نستحضر الأعراض التي ظل الأطباء النفسيون يشخصون بها حالات الإكتئآب الحاد و هي 5  :الإحباط، فقدان الإهتمام، نقص الشهية، التغير في النوم، الإرهاق.  و مدة إستمرار هذه الأعراض أسبوعين 
و قد جذب فرانسيس الإنتباه عن طريق تساؤله عن كيفية وضع هذه المقاييس بوصفها معايير لتشخيص الإكتآب و الصدمة تكمن في إجابته حيث أنه لا توجد إجابة موضوعية فهذه المعايير مجرد رأي مجموعة من الناس بدون معايير موضوعية يمكن قياسها.
ربما يكون الألم النفسي و العاطفي أسوأ من أي شيء يمكننا تخيله و اضطراب الإكتئآب الحاد يعتبر بالفعل من أقسى الآلام البشرية . لكن ما يقوله فرانسيس  هو أن كثيرا مما نعتقد أنه اضطراب الاكتئاب الحاد هو ليس حادا في الحقيقة ولا اكتئابا ولا اضطرابا من الأساس.  
و أنه تم خلق وباء زائف للإكتئاب الحاد حيث تحولت حالات الحزن العادية إلى اكتآب مرضي الشيء الذي خلق جدل علمي كبير بين المتخصصين حول أي العقاقير أقوى (مضادات الاكتآب أم الأدوية الوهمية)  فالخلط بينهما يدخل مريض عادي في دوامة من العلاج النفسي التي ربما تستمر لسنوات بلا نتيجة لأنها تشخيص خاطئ لمرض غير موجود من الأساس .

فانتازيا السواء النفسي، 

انتشر في الآونة الأخيرة مصطلحات مثل عدم الأمان أو عدم الاستقرار النفسي Insecurity ، والسواء النفسي ، والصحة النفسية ، والاتزان النفسي ، إلى آخر هذه الترسانة من المصطلحات التي تهدف إلى شيء واحد فقط : الوصول إلى حالة مثالية من السعادة النفسية والسعي ورائها بكل السبل المتاحة . 


لكن ما هو الميزان الدقيق للسواء النفسي؟

مفهوم  السواء النفسي » و « الاضطراب النفسی 

هما مفهومان سائلان للغاية ، غير منظمين ، ومختلفان باستمرار في الشكل بطريقة لا تمكننا من تأسيس حدود فاصلة ثابتة بينهما " .
و ينقل إلينا آلن فرانسيس مفارقة في علم النفس التحليلي قائلا:  (إن المفارقة الكبرى غير المعلنة في التحليل النفسي هي أن أفضل المرضى هم هؤلاء الذين لم يحتاجوا إلى علاج النفسي في البداية)
و يخبرنا أن مفهوم السواء يختلف بإختلاف الثقافات ..فمايتم تشخيصة مرضا في ثقافة ما يتم توصيفه بإنه سواء في ثقافة اخرى
فإن مطاردة السواء النفسي أشبه ما يكون بمطاردة الأشباح و ذلك فإن الإفراط في الإهتمام بمسألة السواء النفسي ستنتج حالة من الهوس و اللهث حول المجهول بل و ربما يلوم الشخص نفسه على عدم وصوله إلى حالة السواء النفسي المنشودة 
و هذا ماجعل الفنلندي كارا سيدرسترون الأستاذة بجامعة ستوكهولم و البريطاني أندري سبينير الأستاذة بجامعة لندن يؤلفا معا كتاب *"متلازمة الحفاظ على الصحة"* حيث ذكرا فيه أن الحياة ستعج دائما بالأخطاء و أن السعادة لا يمكن الشعور بها على طول الخط ولكن عالم اليوم يرى عدم الرضا و عدم السعادة أمراضا ينبغي أن تعالج

الدواء هو الحل... أم المشكلة ؟

لكل منا طريقته في التغلب على أحزانه و ضغوطات الحياة بشكل طبيعي و العودة للإستقرار النفسي العادي حيث يعمل المخ البشري بنظام الاتزان الداخلي نفسه و يؤكد آلن فرانسيس أن المخ هو المتحكم الرييسي في وظائف جسمنا، أفكارنا، مشاعرنا، سلوكياتنا، و هو الذي 

يحافظ على سوائنا و حالتنا الطبيعية بشكل مستقر و صحي و أما على المستوى النفسي يساعدنا نظام الاتزان على تجاوز المشاعر السلبية فبفضله يستطيع الإنسان علاج مشاكله النفسية ليستعيد حالته الطبيعية من السواء النفسي.

” لقد تقدم البحث الطبي بشكل هائل ، إلى درجة أنه لم يعد هناك ناس أصحاء "

آلدوس هكسلي "
و تكمن أزمة التضخم في استخدام العقاقير النفسية في تعطيل نظام الإتزان الداخلي لدينا و تضعف المناعة النفسية إلى أقصى حد كما أنها تتعارض مع الطريقة الطبيعية للجسم لاستعادة سوائه النفسي كما يعطل المهارات المكتسبة جراء المشاكل اليومية عن طريق ممارسة عدة أنشطة و الإنشغال بالهوايات و الإهتمامات
 و يختم فرانسيس هذا بضرورة الدواء لمن يحتاجون إلى إعادة تأسيس نظام اتزانهم الداخلي و الذين يعانون من اضطرابات نفسية حقيقية لأن الدواء يتداخل بشكل سلبي مع من يعانون من مشاكل يومية فقط

موضة الإضطرابات النفسية

هل نعيش في زمن تحولت فيه الاضطرابات النفسية والعلاج النفسي إلى موضة ؟!
 یری فرانسيس أن الوضع حاليا صار كذلك بالفعل ، ويشير إلى أن موضة الاضطرابات النفسية أصبحت متقلبة مثل شعبية نجوم الغناء والمطاعم ورحلات السفر . ويحكي فرانسيس : ( خلال عملي في مجال علم النفس لمدة 35 عاما ، لم أجد متخصصا واحدا يسعى إلى تقليل عدد مرضاه ).
و منه يوضح لنا فرانسيس القاعدة التي تحكم منطق شركات الادوية في مجال علم النفس و هو تحقيق أكبر ربح ممكن و ذلك من خلال تحفيز تضخم التشخيص
 
و من أجل الهروب من دوامة الطب النفسي و العقاقير هنالك عدة حلول بديلة و أولها  البوح فبمجرد حكاية همومك لشخص يحسن الإنصات و يجيد تفهم كلامك و احتواء حالتك سيكون كفيلا للتخلص من الحالات النفسية السيئة 
و هنا عدة حلول أخرى من أجل تجاوز فترات الحالة النفسية السلبية: 

عدم الإستسلام للحزن أو الضيق و إشخال النفس عن التفكير في الحالة السلبية 

الأنس بالأصدقاء و الأهل و دوائلر الدعم القريبة

ملء فراغ الوقت و الاجتهاد في المعيشة، فإذا كان الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة

عدم اللجوء إلى الأطباء النفسيين إلا بعد فترة طويلة من الزمن

ترك مساحة للنفس لمعالجة مشاعرها بنفسها دون الحاجة لتدخل علاجي

قيام الليل و عبادة الخفاء

التنزه و الترويح عن النفس

توثيق الروابط الإجتماعية لاسيما في الأسرة و العائلة الممتدة 

مكاشفة النفس و مصارحتها بعيوبها و علاج أخطائها أولا بأول

النظر المستمر في سير السلف الصالح

الاستماع إلى المواعظ و الدروس الإيمانية


الفصل الثالث


الفراغ العاطفي أم الفراغ الوجودي

ماذا يمكنك أن تفعل إن أردت ان تمحو شخصا من حياتك؟
تبدأ العلاقة بين الأصدقاء في هذه الأيام بضغطة زر لإضافة صديق ، وقبل أن تبدأ الرابطة في التوثق بتدریج مناسب مع مرور الزمن ، فإننا نعرف كل شيء عن هذا الشخص قبل نشوء علاقة بينا أساسا ، فنختار إذا كنا نريد أن نصادق هذا الشخص أم لا . 
لم يعجبك بعدما أضفته ؟
 لا تقلق ، بضغطة زر واحدة يمكنك محو شخص من حياتك نهائيا كأنه لم يكن ، صديقا كان أو فرداً من العائلة ، فقد صارت علاقاتنا وكأنها مجموعة من الأزرار في عوالم افتراضية إلكترونية بدلا من قيمة الصداقة وما تحمله من ذكريات ودفء وعون الأخ لأخيه.
لكن لم ينتشر هذا النمط من العلاقات بين جيل المراهقين؟
 لقد تربی شباب وفتيات اليوم على الإنترنت منذ صغرهم ، وبما أن هذا هو السائد في عالم التواصل الاجتماعي الإلكتروني فهم لا يعرفون نمطا غيره في الغالب.


فإنسان اليوم - كما يقرر باومان - لا يحب القيود والالتزامات ، يرغب في إقامة علاقات بأقل قدر من الأخطاء ، وإنهائها بأقل قدر من الخسائر .
 ما يهم المرء منا هو أن ينال الإعجاب ويحظى بالحب ولو بشكل مؤقت

الاحتياج الانساني الفطري

نعم نحن نعلم بداهة أن الاحتياج إلى الآخرين هو شعور فطري أصيل ، والشعور بوجود شخص آخر يشاركك همومك ويقاسمك الحب وتسكن إليه ويسكن إليك هو حق إنساني جبلي لكن المشكلة تظهر عندما تحرم هذه الحاجة الإنسانية الفطرية من الإشباع ، فينشأ ما يسمى بالفراغ العاطفي " ) . وبسبب تأخر سن الزواج في العالم العربي ، وتفكك الروابط الأسرية ، وهشاشة العلاقات الإنسانية  . يغذيها عدم تمكين الأهل والأصدقاء من التفهم والمشاركة

الكراش مرآة الفراغ العاطفي

بدأ مصطلح ( الكراش ) في التسلل إلى العالم العربي عام 2013 م بالتقريب ، أتذكر أنه تم أنشاء صفحات على موقع فسيبوك الكراشات الجامعات ، وقوبلت باستهجان شدید وحملات هجومية تدعو إلى إغلاق هذه الصفحات ومصادرة أفكارها الهدامة وغير الأخلاقية .
أما الآن فقد عمت البلوى وصار مصطلح الكراش سائدًا ، يستعمله الدعاة والمؤثرون قبل عموم الناس.
فما هو الكراش إذن وكيف نميزه عن شعور الحب العميق ؟!
تضع الأخصائية النفسية الأميركية إيفا هالستروم يدها على المصطلح ، وتقول إن 
( الكراش ) أو الإعجاب بشخص ما مجرد انعکاس لصفات وقيم يتمناها الشخص الآخر ويحلم بها  وينشأ هذا الكراش عندما يكون لدى الإنسان مخزون عاطفي ورغبة قوية في الحب ، فيلجأ إلى تفريغ هذه الرغبة في شخص ما بشكل شبه عشوائي . 

ومن الفراغ العاطفي ينتقل المرء إلى مرحلة الكراش ، ثم إلى التعلق المرضي ، وبعدها إلى إدمان العلاقات السامة وثباته على البحث الدائم عن الألم .
ومن خلال كل تلك المستويات تمتلى العيادات النفسية والمكاتب الاستشارية بالمرضى والباحثين عن برامج التعافي . 

الأسرة بوصفها متهماً

دعونا نضع الأسرة العربية في قفص الاتهام لوهلة :
 فلا شك أن عالمنا العربي الحديث متفكك العلاقات ومتفسخ الأواصر ، وكثير من الأطفال يعانون فقرا عاطفيا منذ صغرهم لا في مراهقتهم فحسب ، فهؤلاء يفتقدون الدعم في أسرة ينشغل فيها الوالد في جلب المزيد من المال وتنشغل الوالدة بتحقيق ذاتها والتنزه مع صديقاتها . 
كيف سيتعلم هذا الإنسان التعبير عن مشاعره وقد نشأ في بيئة لا تراعي مشاعره أصلا ؟

لكل داء دواء

في الفقرات السابقة رددنا الخطاب الشائع الذي يرمي الأحمال عن کواهل المسئولين عنها لنضعها على عاتق الأسرة ، فمن السهل أن نشير بأصابع الاتهام إلى الأسرة والتنشئة لأنها أمور خارجة عن سيطرتنا . 
وهذه الحيلة النفسية نمارسها عندما يشار إلى خلق أو سلوك سيء فينا ،
فنعزو الخطأ إلى الظروف المحيطة بنا ودفعتنا إلى ارتكاب هذا الفعل ونتهرب من إلقاء اللوم على سلوكياتنا وإرادتنا الشخصية ، وإنما هو مجرد ضحية للظروف وللمجتمع ولا يشعره 

بذنب غرقه في الوحل ، فيخرج راضيا عن نفسه غاضبا من أهله ساخطا على الأقدار ، بدون دافع إلى تغيير الأمر الواقع .
هذا الخطاب يضع المرء في خانة رد الفعل مقيدا بقيود ماضيه ويسلبه الحرية والإرادة التي ميزه الله بها .
ثم نلج إلى سبب آخر من أسباب الفراغ العاطفي : وهو الفراغ الروحي .
فعدم وجود صلة قوية بين المرء وربه تترك أثرا في الروح لا يمتلئ بغيره ، كما يدعوننا للاطمئنان ونفي الوحدة عن قلوبنا ، فالإيمان القوي يبعث في النفس الخوف ومراقبة الله في الخلوات ، ويعزز من شعور الأنس بالله ، والافتقار إلى الله ، والغني بالله . 
لكن كما يروي : من فقد الله فماذا وجد ؟



من الفراغ العاطفي الى الفراغ الوجودي

جرِّب أن تسأل أحد المراهقين أو إحداهن : 
(لماذا تعيش ؟ ) ثم استطرد في التساؤل حول نفس المعنى ، ( ما قيمة حياتك ؟ ) ( ماذا تفعل على وجه هذه الأرض ؟) 
لن تأخذ وقتا طويلا قبل أن تستنتج أن أغلب جيل المراهقين لا يدري لماذا يعيش أساسًا ، ولا يستطيع تقديم إجابة واضحة أو مركزية على هذا السؤال البسيط والأساسي .
في ظل غياب الدور الرئيس للدين في الإجابة عن التساؤلات الكبرى أصبح كثير من الشباب متخبطين لا يعرفون الهدف من وجودهم بالأساس ، فتضاءلت قدرتهم على مواجهة التحديات . فما معنى الحياة ؟ وما معنى الموت ؟ وإن كانت حيواتنا إلى الفناء فما الجدوى إذن من تحمل الألم والصبر على الابتلاء ؟


يقدم العالم الرأسمالي الحديث الإجابة : الترفيه والتشتيت . 
فلا داع للتساؤلات الوجودية وأهم شيء في الوجود هو أن تعيش في اللحظة الراهنة ، الآن وهنا وحسب ، امتلك كل وسائل الرفاه واشتر كل ما تشتهي وعش كل الحيوات التي أردت عيشها في هذه الحياة ، فنحن نعيش حياة واحدة فقط فلنستمتع بها كما شئنا ! 
هل تعلم أن مخرجي الأفلام وصانعي السينما لا هدف لهم سوى إغراق الناس في المتع اللحظية ، من أجل إشغال الناس وإشغال أنفسهم أيضا عن التفكر في المعنى من الحياة؟

من الفراغ الى العدم

ويكمن السبب الرئيس في الفراغ الوجودي في نظر الدكتور عبد الوهاب المسيري في قولة تعالى : ﴿ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم﴾
فيقول: ( وهذا معناه أن الله هو الركيزة الأساسية لكل شيء: التواصل بين الناس، لضمان معرفة أن الحقيقة حقيقة فإن نسى الإنسان الله، ركيزة الكون كلها تنتهي فينسى ذاته). 
كيف السبيل للخروج من هذا المأزق إذن:
هو سبيل سهل، فالإيمان بقول الله عز وجل :﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لاترجعون﴾ اي الإيمان باليوم الآخ هو سبيل النجاة الذي لن يجد المرء راحة نفسه وصلاح باله وطمأنينة قلبه إلا في ظلال طاعة الله وأنس القرب منه


الفصل الرابع



السوشيال ميديا أصل كل الشرور

تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من النصائح والإرشادات عن كل شيء يمكن أن يحتاجه الإنسان ولا ينكر أحد مالها من فوائد جمة بالفعل، لكن لكل أمر جيد جانب سيئ أيضاً فكما تمتلئ هذه المواقع بالإرشادات والنصائح لعيش حياة أفضل فهي أيضاً ممتلئة 
بالتأثيرات السلبية على الصحة النفسية وهي من أهم معززات الهشاشة النفسية في هذا الجيل وسنعرض هنا خمس نقاط لأثر السوشيال ميديا السلبي على الصحة النفسية:

تعزيز النرجسية

تقديس التغيير

فقدان التركيز 

الخلل في معايير النجاح 

أفكار من ورق




1- جرعة النرجسية اليومية 

في قوقعة السوشيال ميديا الجميع يدور في فلك "أنا" وليس أي شيء أخر، قدر المشاركة والتفاعل في حسابك الشخصي هو مايحدد هويتك، وأنت لا تريد سوى الإعجاب بك والتفاعل الإيجابي مع ماتنشره. 
وإحدى تجليات النرجسية عند جيل المراهقين والشباب هي مانشاهدة من الإهتمام المفرط بالذات مقابل تهميش قضايا الأمة الإسلامية. 

2- التغيير من أجل التغيير

من أجل استمرار تدفق اللايكات إلى حسابك، أو في سبيل أن تصبح إنساناً عادياً في 2020، ينبغي عليك أن تشاهد وتعرف كل جديد أولاً بأول فنحن نعيش في حالة مجنونة من السرعة كل لحظة شيء جديد وأمر متغير حتى أصبح التغيير والسرعة حالة هوس لدينا.
  كما تسبب الثبات على التغيير في تطعيم نفسياتنا بحالة دائمة من التوقعات المرتفعة جداً والإحباطات المتكررة جداً.
يتوقع جيل المراهقين الإنجاز السريع والنجاح الفوري في كل شيء، وأمام صدمة الحياة يبدأ في التململ من الحياة عامة والدخول في دوامة إكتئاب وهروب من تحمل أي مسئولية. 

3-ضاع تركيزنا

ومن الآثار السيئة للتغيير المستمر هو فقداننا للتركيز العميق طويل الأمد، وشلّ قدرتنا على التأمل نظراً لما تحيطه بنا الرسائل السريعة والإشعارات من شلالات متواصلة من التشتت
وأظن أن كثيراً من الهشاشة النفسية وأعراض الإكتئاب والحزن التي نراها تنتشر هذه الأيام يمكننا أن نُرجع أسبابها إلى غياب مساحات التأمل والمراجعة الذاتية عند الكثيرين، فهي لا تعلمنا فقط تقبل الآلم والفشل والحزن، بل تعلمنا التفكير في أسباب ذلك الآلم أو الفشل أو 

الحزن، وأن ننظر لهذه المشاعر على أنها من أعمدة تكوين الشخصية لأنها تمنحنا فرصاً للتعلم وللتطوير، ومن ثم فلا يجب أن نبتعد أو نخاف منها.  ولكن حتى لو نجحنا في المحافظة على بعض مساحات التأمل الذاتي، فإن هذه الأجهزة الحديثة مصممة بصورة تُركز فقط على إنجازات الآخرين، ومن ثم تجعلنا نُقارن كثيراً بين أنفسنا وبين غيرنا، كما أنها تعطي فكرة خاطئة عن أن الإنجازات الأكثر أهمية هي التي تحصل على أكبر عدد من اللايكات والإعجابات، هاتان الآليتان تجعلنا نضيع في طريق بحثنا عن شخصياتنا العميقة، وفي تحديد قدراتنا.

4- وهم معايير النجاح

مع إندماج حياتنا الرقمية بحياتنا الحقيقية، أصبح معيار النجاح شبه موحد. عدد المشاهدات والمشاركات وما إلى ذلك؛ كما أن أغلب من يحصدون عدداً لا بأس به من المتابعين أو التفاعلات، يستثمرون هذا النجاح في حياتهم الحقيقية بأشكال مختلفة.
وللأسف الشديد فإن حياتنا الآن يتم رسمها بواسطة السوشيال ميديا: 
طموحاتنا،معاييرنا، أحلامنا، أهدافنا، مشاريعنا المستقبلية، أفكارنا تصوراتنا عن الحياة؛ كلها يتم يتم صياغتها وفق السائد في السوشيال ميديا. وبناءً على هذه التصورات يبدأ الشباب في رسم صورة معينة لمفهوم(لنجاح)، وفي الغالب يسعون إلى تحقيق هذه المعايير من أجل الشعور بنجاح أنفسهم، ولكن ما أن يفشل الشاب أو الفتاة في النجاح بوفق هذه المعايير حتى يدخلون في دائرة من اليأس لأنهم فشلوا في مانجح فيه الآخرون بغض النظر عن كيفية نجاحهم أو المغزى منه. 



5-أفكار من ورق

في إطار الحرص على جمع اللايكات على السوشيال ميديا، والظهور بصورة مقبولة أمام الجميع، والخوف من الحظر أو حملات التشهير، صار الخوف من اكتساب العداوة سمة أساسية عند معظم رواد هذه المواقع.. فمن أجل حصد الإعجابات فلا ينبغي عليك أن تخسر أحداً، الجميع أصدقاؤك والمحتوى الذي تقدمه لا ينبغي أن يكون حساساً لأي جهة أو طرف
فالافكار في السوشيال ميديا مصنوعة من ورق، قابلة للتحوير في أي وقت، ومستعدة للتكيف مع أي موقف، وجاهزة للاستبدال متى اراد صاحبها؛ ربما يكون هذا احد اهم اسباب ما نراه في عالم اليوم من نشوء أجيال جديدة متسامحة مع كل شيء وتتقبل اي شيء وبمرور الوقت يصبح كل شيء رمادياً مائعاً، حتى لا يعود هذا الإنسان قادراً على اتخاذ موقف، حتى في أعماق نفسه. بمرور الوقت تتضرر قدرته الشعورية فيصبح عاجزاً عن اختيار مشاعر أصلية وصادقة.

أرح عقلك ونفسيتك: الهروب من السوشيال ميديا

إذن ولإجل تجنب القدر الممكن من أضرار السوشيال ميديا فإن الحل الأفضل هو إغلاق جميع منصات السوشيال ميديا لفترة لا تقل عن شهر أكثر من مرة سنوياً وذلك لأخذ قسط من الراحة النفسية للتعافي من أثار وأضرار السوشيال ميديا، وفي فترة إستخدام هذه المواقع يمكن العمل ببعض التكتيكات للحافظ على مساحات التأمل الذاتي ومن أهم هذه التكتيكات

إيقاف جميع الإشعارات والتنبيهات التي يمكن أن ترسلها لك هذه مواقع التواصل الاجتماعي التي يمكن أن تظهر على شاشة هاتفك الخارجية

إيقاف الإتصال التلقائي بين هذه البرامج والإنترنت وعدم إتصال الانترنت في هاتفك بهذه البرامج إلا عندما تقوم بفتحها أنت

عندما تستخدم برامج التواصل الاجتماعي اجتهد على أن تعود نفسك أن تركز على مقالة واحدة أو معلومة ذات صلة بإهتماماتك وعدم الخروج من هذه المواقع إلا بفائدة أو معلومة أو فكرة ذات صلة بإهتماماتك.


الفصل الخامس


لا تحكم على الآخرين

 (لاتحكم على الكتاب من غلافه) (خليك في حالك ودع الخلق للخالق) هذه عبارات تتكرر بين أجيال المراهقين والشباب بكثرة في كل موقف يمارس أحدهم فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومهما كان أمينا في النصيحة، صادقاً في الدعوة، لبقاً في الأسلوب..
بالطبع نحن نرفض الأحكام الخاطئة، والأحكام المتسرعة، والأحكام غير المنطقية، ونرفض الأحكام التعميمية، والحكم بالظن والحكم بالتأويل المتعسف ، ونرفض حكم النوايا والتنقيب عن السرائر... ولكن في نفس الوقت نحن لانرفض فكرة الحكم (ذاتها)  فهذا تجريد للإنسان من فطرته التي وهبها الله له، فالبشر كائنات أخلاقية اصلا، والله ميزنا بالعقل واكرمنا به سبحانه لنتعرف بين الحق والباطل، والخير من الشر.... 
إن انتشار هذه العادات بين جيل المراهقين وتكرارهم عبارات مثل (لاتحكم عليّ) تؤكد أن هناك مرضاً يتسلل ببطء وسط هذا الجيل بسبب هوس الثقافة الغالبة بفكرة التسامح وقبول الآخر...



ثقافة تعزيز عقلية اللاحكم :

في كتابها ( دليل التدريب على مهارات العلاج السلوكي الجدلي ) تخبرنا مارشا لينيهان ، أستاذة علم النفس بجامعة واشنطن ، أن هناك نوعين من الأحكام :
1-الحكم الذي يميز Discriminate ، 2-الحكم الذي يقيم - Evaluate .

الأحكام التي تميز:  هي الأحكام التي تصف وقائع الأشياء وتميز بين أي فعل أو شيء وبين أي فعل أو شيء آخر ، فنحن نصف الأمور بطبيعتها التي : طویل وقصير ، أسود وأبيض ، قدیم وجدید . 

أما الأحكام التقييمية:  فهي تلك تضيف حكمنا الأخلاقي للأفعال أو رؤيتنا الذاتية للأشياء ، مثل أن نصف شيء بأنه سيئ أو جيد ، شر أو خير ، أخلاقي أو غير أخلاقي .

ومن هنا تنصحنا لينيهان بأن نهجر الأحكام التقييمية على الأشخاص والأفعال والسلوكيات ، فلا ينبغي أن نقول إن هذا التصرف  حسن  أو ( سيئ . ولا ينبغي أن نقول على شخص أنه  شخص سيء ) أو ( شخص جید).
 بل علينا أن ننسى كلمة  من المفترض  ، لأنه - وفقا للينيهان - ليس من مهمتنا أن نضع تعريفا لما ينبغي أن يكون العالم عليه ، فعلينا إذن أن نترك مطالبتنا من الواقع أن يكون على شكل معين فقط لأننا نريده أن يكون بهذا الشكل.

مراهقة دائمة، مساحات آمنة من اللا حكم :

في ظل هذه الثقافة من اللاحكم تولدت لدى قطاع كبير من المراهقين والشباب حساسية مفرطة تجاه أي حكم عليهم وحتى يهربوا من عناء الحكم عليهم لجأوا إلى الاندماج في المساحات التي توفر لهم مناخا لايعترض فيه احدا إلى أحد!، ولا ينصح فيه شخص شخصآ.


فالمساحات الآمنة تعني حماية الشباب من أي فكرة سلبية أو معادية، وقد خلقت تجمعات فارغه من أي بوصلة أخلاقية أو ميزان معياري للحكم على الأشياء.. 
وهنا تظهر أزمة أخرى غير أزمة التسامح مع المنكر، وهي أن النفس تعتاد على هذه الحالة من عدم تحمل مسؤلية سلوكها وافعالها، والتهرب من مواجهتها باخطائها وعدم قدرتها على
 تحمل النقد أو النصح..


من اللاحكم إلى الحكم المنضبط:

كثير منا يخلط بين إصدار الأحكام وبين كونه حكميا..
فهما عمليتان مختلفان تماماً فمن المناسب أن نقيم الأفعال والسلوكيات التي تجلب الضرر.. 
 إذا تبنينا فلسفة الحكم ، فإننا سنفقد بوصلتنا الأخلاقية ، ستبدو جميع الأمور متساوية ، وسنعيش في عالم من اللامبالاة الأخلاقية والحياد القيمي في كل شيء

موت النصيحة وموت النهي عن المنكر :

الحل إذن هو أن نقيم أحكاما صحية ، تتفهم حال الشخص وتخاطبه بأسلوب حسن ، وتقع في الإطار الأخلاقي للدين لا في إطار الأهواء الشخصية ، ولا توصم أحكامنا الأشخاص لبقية حياتهم ، وتظل في أحكامنا مساحة للخطأ والمراجعة والأخذ والرد  . ولقد أشار النبي إلى خطورة ترك فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وان مجالسة الناس دون نصحهم أو ارشادهم يعني هلاك المجتمع بأسره لا الفرد وحده..
 و قد ذم ربنا سبحانه ولعن بني إسرائيل لتركهم إنكار المنكر  :( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يفعلون ) كما يجب علينا أن نتورع عن إساءة الظن بالآخرين، وان نحسن أداء النصيحة...  نحتاج أن ندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
 

الفصل السادس



مشاعرك الداخلية اسوء حكم في حياتك

 (ثق دائما في مشاعرك، مشاعرك هي أهم شيء)  هذه العبارة الجذابة المفعمة بالحياة
التقط المنظر الفرنسي جوستاف لوبون هذا المعنى ، فما يلمس مشاعر البشر الداخلية هو الأقدر على تغييرهم وتحريكهم وتوجيههم ، فبدأ في توجيه القادة ورجال السياسة وحركات التغيير إلى مخاطبة المشاعر لا مخاطبة المنطق.
نجح هذا المبدأ على جميع الأصعدة وأصبحت ثقافتنا المعاصرة تعظم من قدر المشاعر بشكل غير مسبوق في التاريخ الإنساني.

عبادة المشاعر:

لاحظ الفيلسوف الفرنسي ميشيل لاكروا أن جيل الألفية الجديدة صار  يرفع المشاعر إلى حد القداسة ويعتبرها أداة لتحقيق ذاته.
فقد أصبحت المشاعر أداة للتسويق بين أيدي المتحكمين في أنشطتنا الترفيهية ، الذين يستغلونها من أجل التأثير فينا ، فيمزجون بين الهلع والمفاجأة والحزن والغضب والارتياح والتعاطف والدموع والضحك ، في لعبة من التناوب تحبس الأنفاس .

إن استعمال مثل هذه التعابير يسلبنا القدرة على التأمل والخشوع , وهذا الشره للأحاسيس القوية يؤدي ليس فقط إلى تردي الإحساس الذاتي وإنما إلى إتلاف العلاقات بين الأشخاص أيضا  . و انهيار علاقات الزواج ، وغياب قيم الزواج الأصيلة مثل الوفاء والإخلاص والاستقرار .

نعم للزواج لا للحب :

أن تصورنا المتطرف في تعظيم المشاعر مثل ان الزواج لا يقوم الا على الحب، وعلى أساس الحب يكون الزواج ناجحا أو فاشلا  هو تصور خاطئ وغير دقيق وعلينا أن نفكك الصورة الشائعة حول تعظيم شعور الحب وتقديمه على جميع المشاعر الأخرى في الزواج، وننتقد عملية البحث عن الحب عند اختيار شريك الحياة... فهذه المشاعر لاتبنى عليها علاقة طويلة الأمد، ولا يمكن اعتبارها مؤشرا للسعادة على المدى الطويل، وإنما علينا أن نهتم باعتبارات عملية لشريك الحياة مثل الثقة والأمانة والتقارب على المستوى الفكري والأسري والقبول المتبادل والجدية في العمل، وتحمل المسؤولية وغيرها فهي خارطة الطريق إلى بيت أمن ومستقر ينمو الحب بين أركانه بشكل صحي وبسيط بدون مبالغة.




الفصل السابع



مخدرات الشغف

أن العبارات مثل(اتبع شغفك، لأن الشغف هو العنصر الوحيد الذي يفرق بين الإنسان الناجح والإنسان الفاشل)  و (الإنسان بدون شغف مثل السيارة بدون وقود؛ انت تستطيع أن تفعلها)
تتكرر بشكل مهول على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تعني أن يعض الناس على شغفهم بالنواجذ، هي شعارات مريحة تميل النفوس إليها لكن ما يجب أن نسأل أنفسنا قبل أن نتبع شغفنا هل تساوت للجميع كل الظروف ليصلوا إلى شغفهم.. وهل حقق كل من اتبع هذه الشعارات الشغف الذي كان يملؤه..!

العمل هو النجاح.. فعلآ؟

 تقدم عبارات ( اتبع شغفك ) تصورا للشخص ينبغي أن يسير عليه كما رُسم : لا تبحث عن قدراتك وإنما ابحث عن شغفك ، لا تسر وراء إمكانياتك والفرص التي أمامك وإنما سر وراء أحلامك ومشاعرك . 
وعندما يريد أحدهم ضرب مثال لحالة نجاح سارت وراء شغفها حتى حققت أموالا طائلة وشهرة كبيرة ، يعطون أمثلة لرجال أعمال كبار تفانوا في عملهم واجتهدوا حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه .

هذه البروباجندا دفعت أكثر من ثلث الأمريكيين إلى الاعتقاد بأن العمل الجاد  هو سر النجاح .  وألقى هؤلاء اللوم على كسل الشخص وخموله ، فالفقر ليس مشكلة لامساواة ، ولا هو ناتج من نتائج الاستبداد ، ولا هو أحد نتائج لاعدالة المنظومة الرأسمالية ، بل أنت سبب فقرك ، أنت فقير لأنك فاشل وبليد .

إذا لم أنجح في شغفي إذن انا فاشل:

ما المشكلة هنا ؟ 
المشكلة أن نفسية الشخص تعانق السماء عند سماع مثل هذه الخطابات ، وتتوقد روحه بالحماسة  في إنشاء شركته الصغيرة طبقا للوعود التي قدمها المتحدثون التحفيزيون ، لقد تعاطى جرعة من المخدرات الوهمية التي رسمت عالما سعيدا متفائلا له ، وها هو الآن يسعى للوصول كما وعده المحفزون . فبالنهاية ، من منا لا يريد طريقا سهلا ومريحا للنجاح ؟ 
وما تلبث أن تنهار معنويات الشخص بالكلية في اللحظة التي يقرر فيها النزول إلى أرض الواقع  فيجده على النقيض  واقعٌ مرير وصعب ، والسوق مليء بالمشاكل والمتاعب ، فقابل عشرات ومئات العقبات أمام نجاحه ، وخسر أمواله كلها واستثماره الصغير في مشروعه الذي ما زال وليدا ، ويضطر في النهاية إلى غلق المشروع والعودة إلى نقطة الصفر ، ناهيك عن دخوله في دوامة الديون التي أثقلت كاهله .

لقمة العيش أولاً

لكن تعالوا نعيد ترتيب بعض الأوراق ... ولنسأل سؤالاً بسيطاً؟! 
ماقيمة الشغف إذا لم تكن قادراً على تأمين معيشتك ؟ وما فائدة الشغف إذا لم تجد مايسد رمقك ؟  وماأهمية الشغف إذا لم تستطع الانفاق على زوجك وعيالك ؟!

_
لماذا يتم تخدير الشاب الصغير ، والفتاة اليافعة بهذه المسكنات التحفيزية بدلاً من رسم خطط واقعية لهم وتوجيههم إلى آليات السوق ومتطلباته والمهارات اللازمة بالفعل ؟! 
اما دان لوك يقول في كلمته التي وجهها إلى المتأثرين بخطاب التحفيز :( ليس لديك الحق أن تتكلم عن الشغف قبل أن تكون أمنت معيشتك ،، اذا لم تستطع دفع فواتيرك ، ولم تكن داعماً لعائلتك ، ولم تكن زوجاً أو زوجة جيدة وداعمة لأطفالها فليس لك الحق في اتباع شغفك .. اتباع شغفك لايعني أنك ستحظى بحياة ناجحة ، لإن اتباع شغفك قيامك بمايريحك ويوافق هواك ، وهذا لايعني المال ، انت تحتاج إلى تضحية ) .
نفس الأمر يؤكده مايك رو الإعلامي الأمريكي محذراً الناس من اتباع تضحية اتبع شغفك هي تضحية كارثية ، عندما يتبع الناس شغفهم، تفوت عليهم كل  الفرص التي لا يعرفون انها اصلا موجودة .
يمكننا إذن استبدال هذا الخطاب الشغوف البائس بخطوتين عملية ، 

الاولى: هي التطوير المستمر في مهاراتك والبحث عن الفرص لا الشغف وخوض تجارب جديدة ، والتعلم الدائم بلا توقف .

أما الخطوة الثانية :فهي تحقيق التوازن بين أربعة دوائر في حياتك :





1- دائرة الشغف واهتماماتك الشخصية
2- ودائرة العمل والكسب والدخل
3-دائرة المهارات والامكانيات
4-ودائرة الرسالة والدعوة دينياً .



ماهو دورنا إذن ؟!

دورنا أن نحقق توازناً بين هذه الدوائر وألا تجعل اي دائرة تطغى بشكل كامل على بقية الدوائر.
وهكذا ينبغي على الإنسان التخطيط بشكل مضبوط لحياته ، وأن يفرق بين الدخل الذي ينبغي الحصول عليه ، والدعوة التي يفرض عليه العمل فيها ، والشغف الذي يسعى إلى تحقيقه ، والمهارات التي يمتلكها .


الفصل الثامن

مفتاح النجاة : انا مريض نفسي إذاً أنا أفعل ما أريد .

التعاطف مع الشرور :

هذه حالة التعاطف مع الاشرار والافعال الشريرة ليست وليدة اليوم ، وانما تابعة لسباق ثقافي يهدف إلى رفع الحالة النفسية إلى مستوى من القداسة ، وتجعلها وكأنها المحرك الرئيس لكل الأفعال .. ومن ثم فإن الفعل ذاته لا يمكننا محاسبة فاعله قبل أن « نتفهم » حالته النفسية في وقت الفعل ، حتى تصير حالته النفسية عذرا مقبولا لأي إجرام كان ، أو على الأقل مبررا لتخفيف الجزاء من على عاتقه.

المتهم مجرم حتى تضع نفسك في مكانه :

الشرير هو الشرير وأفعاله ما زالت مروعة كما هي ، لكننا ننظر الآن إليه بصورة جديدة لا أكثر .
في دراسة بعنوان :  (تأصيل الشخص السيء : وجهات نظر نفسية ) يتساءل الباحثون : لماذا صرنا نتعاطف الأشرار بدلا من كراهيتهم ؟
  لماذا لو رأينا رجلا يسرق 150 مليون دولار نفرح لفرحه ونحزن لحزنه ؟ 
ماذا لو كانت هذه السرقة تمت من أموالنا ، ماذا سيكون شعورنا حينذاك ؟
يقدم الباحثون الإجابة : كلما تم تصوير لنا خلفية عن معاناة الشخص الشرير فإننا نميل إلى عزو أفعاله الشريرة إلى الظروف الخارجية لا إلى شره الداخلي ، فقسوة طفولته وطلاق والديه وغلظة رب عمله وفساد النظام السياسي والاقتصادي هو ما يدفع الشرير إلى ارتكاب الشر ، والمسئول عنها هو الظروف لا إرادة الشرير . ومن ثم يصير الشرير ضحية بدلا من مجرم .

ضحية ام مجرم :

(الإضطراب النفسي للاسف يتم استخدامه وتعريفه  بشكل فضفاض )
"ٱلان لشنز استاذ علم نفس بجامعة باكنل الامريكية "
إذا فتحنا باب التبرير  للافعال عبر حالة مرتكبيها النفسية ، فانه يمكننا ان نصنع فلتر ننتقي من خلاله إي الحوادث يمكننا تبريرها عبر حالة مرتكبيها النفسية وخلفيته الحياتية ،من اجل إثارة التعاطف معه. 



أنا حزين انا ملحد!

ثمة فتاة ألحدت ، لان الإسلام يضع قيودا على لبسها وزينتها ، وتريد أن تكون اجمل فتيات الأرض! 
وهناك  شاب آخر أخبر بإنه غير مستعد لا للصلاة ولا للصيام ولا للالتزام بالتكاليف الدينية لأن دراسة الجدوى خاصته عنده اثبت ان الدنيا اهم من الآخرة والجنة والنار !! 
إن مجمل هذه الحالات لا تعبر إلا عن تعظيم الحالة النفسية وجعلها تتفوق على أي تفكير منطقي في العالم ، إلى حد أن الحالة النفسية تغلبت على الدين ذاته وأصبح الإيمان أهون عند كثير من الشباب والفتيات من حالتهم النفسية .
ولو فقه هؤلاء معنی العبودية ، والافتقار إلى الله ، وكون العبد عبدا والرب ربا ، لما تجرأ أحدهم أن يرتكب أعظم جريمة في الوجود وهي الكفر بالله فقط لأنه يعاني من حالة نفسية سيئة

متى يعتبر الاضطراب عذراً في الشريعة ؟! 

فالتكليف الشرعي الذي هو مراد الله من الإنسان له شروط ينبغي توافرها ، من أهمها : العقل والفهم ، أي إن يكون الفاعل مدركا عاقلا بما يفعله ، والأهلية ، أي أن يكون الإنسان صالحا لوجوب الحقوق المشروعة له أو عليه وصحة التصرفات منه . وهذا مايقرره أهل الاختصاص من أطباء النفس وفقهاء الشرع .  فإثبات المسئولية الجنائية يتطلب بحثا دقيقا في وقائع الحادثة وظروفها ، ولا يكتفي بادعاء الجاني ، أو دفاع المحامي ، للتنصل من المسئولية الجنائية .
 فإذا انتقلنا من هذا الاستثناء إلى الأصل : فإن نصوص الشريعة قررت وتواترت في القرآن والسنة بما يدل على أن الإنسان مسئول عن تصرفاته ، وعن عواقب أقواله وأفعاله ، مقصرا كان أو مجتهدا ، حزينا كان أم سعيدا ، مطمئنا كان أم خائفا


خاتمة

عدَّ الكاتب هذا الكتاب مجرد محاولة اجتهادية وصرح بحاجة أفكاره المطروحة في الكتاب إلى الاهتمام المكثف. 
وإن كانت بعض الفصول تحتاج لإستفاضة أكبر في التفاصيل والإجابة بشكل أكثر وضوحاً ك باب العدم والوجود  الذي اختزل فيه قضايا كبرى وتساؤلات مهمة دون وضع اجابات شافية لها.
ومن جميل ماقام  به ترجمته ونقله عدداً من الترجمات المثرية لعلماء الاسلام والغرب ونجح في إبقاء انتباه القارئ مشدوهاً .
ولكن قد يؤخذ عليه كثرة تلك الإستشهادات في بعض الأبواب مما أضعف ترابط الفكرة ووضوحها . 
وفي باب الفراغ العاطفي ، تداخلت المعاني بين الاحتياج الفطري و والاحتياج بسبب الفراغ العاطفي .. ولم يهتم لدور البيئات والثقافات المتنوعة والاسباب الاجتماعية  واختلاف الطبائع والانماط من حيث فيض المشاعر وقلتها ..وجعلها جميعا تبدو تابعه للضعف والهشاشة النفسية وبالرغم من هذا فالكاتب قد ابدع في إيقاد حماسة القارئ الإيمانية مع إنعاش فطرته بإعادته في كل فصل إلى مرجعيته الشرعية، وذلك بعرض الموقف الشرعي من تلك الأفكار الوافدة.




قام بالتلخيص:.

أحلام محمد
رحماني فاطمة الزهراء
فاطمة علي
وفاء شمسان
هند النزيلي

مراجعة وتصحيح
فاطمة محمد

تنسيق 
صفاء السامعي

يناير 2021




تعليقات