بقلم : فاطمة محمد
سورة الرحمن هي السورة الوحيدة التي افتتحت باسم من أسماء الله الحسنى وهو (الرحمن )
قال الحق تبارك تعالى في مطلع السورة :
(الرحمن ¤ علَّم القرآن ¤ خلق الإنسان ¤ علّمه البيان)
وذكرت فيها نعم لاتعد ولاتحصى ؛ ومن تلك النعم (خلق الإنسان، علَّمه البيان) بيان ماذا ؟
أي علمّه بيان مافي نفسه وعما في ضميره، تمييزًا له عن غيره من سائر الحيوانات.
وهذا شامل للتعليم النطقي والتعليم الخطي، فالبيان الذي ميز الله به الآدمي على غيره من أجل نعمه، وأكبرها عليه.
وفي المقابل فإن لكل تكريم وتشريف تكليف ايضا ومسوؤلية ، وهي أمانة الكلمة
وقد كانت العرب قديمًا تقول واصفةً عظيم أثر الكلمة بأنها ( أشد من السيف)
فبالكلمة تشن الحروب ، وتُهدم البيوت ، وتُقطّع الأرحام ، وتنحط الدول ، وتُحرف الأفكار ، ويُخوّن الأمين ويُؤّمَن الخائن ، ويُشيطن الأخيار ، وتضيع الحقوق ، وتُطعن الأعراض ، وتُجرح القلوب جرحا لاتبرؤه السنون
وعلى عكسها تمامًا حين تكون في خيرٍ وحقٍ وصدق .. فتجبر القلوب المنكسرة ، وتنشر الوعي لتعلو بها الدول حضاريا ، وتنير الطريق لكل حائر ، وتزيل الشك ، وتُرشد الضال ، وتُصلح النفوس المتخاصمة ، و تعيد الحقوق لأهلها .
وفي السنة المطهرة الكثير من الأحاديث والمواقف المبيّنة لأهمية حفظ اللسان وخطر الكلمة :
ففي حديث مُعاذ بن جبل حين سار مع رسول الله يوماً فقال له: يا رسول الله أخبرني بعملٍ يُدخلني الجنَّة ويُباعدني من النار!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: لقد سألتَ عن عظيم، وإنه ليسير على من يسَّره الله عليه: تعبدُ الله ولا تُشركُ به شيئاً، وتُقيم الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجَّ البيت! ثم قال لمُعاذ: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّة، والصَّدقة تُطفئ الخطيئة كما يُطفئُ الماءُ النارَ، وصلاةُ الرجل من جوف الليل، ثم تلا «تتجافى جنوبهم عن المضاجع…»
ثم قال لمُعاذ: ألا أُخبرك برأس الأمر كله، وعموده وذروة سنامه؟
فقال مُعاذ: بلى يا رسول الله!
فأخذَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم* *بلسانه وقال: كُفَّ عليكَ هذا !
فقال له مُعاذ: يا نبيَّ الله وإنا لمُؤاخذون بما نتكلم به؟
فقال له: ثكلتكَ أمكَ يا معاذ، وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟!
وفي الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه :
(إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ)
فليتقَ الله كل واحدٍ منا فيما يقول ويكتب ، مع من حوله وفيما ينشر في مواقع التواصل الإجتماعي ولنتذكر دومًا أننا نكتب صحائفنا بما نقوله ونكتبه فلنملأها بما نحب أن نلقى الله به وبما نطيق
تعليقات
إرسال تعليق