ومضات على درب السُّموِّ الإنساني

🥇 ما أفضل ما يسمو به المرء؟ | العلم، المال، الأخلاق أم النسب؟

بقلم: يحيى الشريف

صورة بصرية رمزية لميزان يوضح أهمية الأدب والعقل والأخلاق على المال والنسب، مع خلفية تحمل ملامح كتابات فكرية.

حكمة الحكيم: الأدب والعقل قبل المال

قيل لحكيم : ما أفضل ما يسمو به المرء؟

  • أدبٌ يسمو به ذكره.
  • عقلٌ يعيش به و يعلو قدره.
  • مالٌ يستره.

فقال الحكيم: فصاعقةٌ تُحرِقه، و تُريح الناس من شرِّه!!

و في ذات السِّياق قد يتساءل البعض عن أفضل ما يحتاج إليه الإنسان، ليحقِّق الرفعة و السُّموِّ، هل هو: العلم، النَّسب، المال، الدِّين، الأخلاق؟

الدِّين أساس السمو ونزع النسب من معايير الرفعة

و الحقيقة أنَّ كلَّ ما ذُكِر ضمن هذا التساؤل ضروري لتحقيق حياةٍ إنسانيَّة كريمة باستثناء (النَّسَبِ)؛ فلنحذف النّسب من بين الأمور الوارد ذكرها؛ إذ أنَّ من يفتخر و يغترّ بنسبه، أو يتعالي به على الآخرين زاعماً أنَّ في ذلك رفعته و سؤدده، فإنَّ ذلك علامة **انحطاطه و دليل فراغه** من كلِّ دواعي المجد و السُّموِّ!!

و لننظر إلى (الدِّين) في المقام الأول باعتباره الأساس المتين لاستقامة الحياة و صلاح أمورها والسموِّ بواقع الإنسان... فالدِّين القيِّم بما يتولَّد عنه من التزام أخلاقي و عمل صالح و سلوك قويم - هو ما يؤدِّي إلى تحقيق **سموِّ النجاح و الفلاح** الدنيويِّ قبل الفوز بسعادة الخلود الأخروي.

العلم والمال والأخلاق: دعائم الحضارة ومركبات الإخفاق

و لا يمكن الاستغناء عن العلم و المال كليهما في سبيل تحقيق التنمية المتكاملة للمجتمع المسلم؛ فالعلم عماد التَّطوّر، و المال عصب الحياة، و هما دعامتان أساسيّتان لبناء الحضارات، يقول الشاعر:

بالعلمِ و المالِ يبني النَّاسُ مُلكُهمُ
لم يُبنَ ملكٌ على جهلٍ و إقلالِ

و تبرز مكارم الأخلاق باعتبارها محور الدِّين القيِّم و كونها الموجِّه الرشيد للانتفاع بكلٍّ من العلم و المال نحو تحقيق الغاية السَّامية من الاستخلاف، و ما أروع قول حافظ إبراهيم في هذا السِّياق:

فإذا رُزِقْتَ خليقةً محمودةً** فقد اصطفاكَ مُقسِّمُ الأرزاقِ
و الناسُ هذا حظُّهُ مالٌ و ذاْ علمٌ ** و ذاكَ مكارمُ الأخلاقِ
و المالُ إنْ لم تدَّخرْهُ مُحصَّناً ** بالعلمِ كانَ نهايةَ الإملاقِ
و العلمُ إنْ لم تكتنفْهُ شمائلٌ ** تُعليهِ كانَ مطيَّةَ الإخفاقِ

و ما أسوأَ ثراء المال في ظلِّ فقر الدِّينَ و غياب العلم و تلاشي الخُلُق الحميد! أمَّا حين تلتقي أطماع وفرة المال مع نزعة التفاخر بالنسب أو العرق... فيا لقبح ما يتولَّد عن هذا **التعاضد البائس** من تضاعف الغرور، و ما ينتج عنه من رذائل البغي و الشُّرور!!

الاكتساب لا النسب: قول الشاعر وخاتمة القول

كنِ ابنَ مَنْ شئْتَ و اكتسبْ أدباً
يُغنيكَ محمودُه عنِ النَّسَبِ
إنْ الفتى مَنْ يقولُ هأنذا
ليس الفتى مَنْ قالَ كانَ أبِي

و العاقل من يعمل على السُّموِّ بواقع حياته، و يسعى نحو الرقيِّ بذاته، و لا يتوانى في سبيل إغناء فعاليته الإيجابية للإسهام في ارتقاء مجتمعه و إسعاد من حوله؛ لا أن يتفاخر بآبائه و أجداده.

كلمة أخيرة (من قصائد الكاتب):

لا ينالُ المجدَ إلَّا دائبٌ
سائرٌ في دربِهِ دونَ كَللْ

باذلاً نحوَ المعالي جُهدَهُ
و بإسفافٍ أمورٍ ما انشغلْ

مَنْ يَقُلْ أصلي، و هذا نَسبِي
فَلعَمري، إنَّهُ طَبْلٌ طَبَلْ!

تعليقات