عن التراث أكتب: رصيد الحضارة وكنز العبرة
عن التراث أكتب... عن ذاكرة الأمة التي تسكن في كتبها وتتنفس في حكايات رجالها ونسائها، عن حكاياتٍ ليست للتسلية بل للتبصّر، وعن تاريخٍ يمدّنا بالحكمة كلما تكرّر المشهد بألوانٍ جديدة.
حكايات التراث ودروس خبرة الحياة
سأحكي لك، مما في جعبتي حكاية! سأحكي لك من هذا الرصيد الكبير، حكايات أو حكاية. وربما كنت تعرفها، أو سمعت عنها من قبل، غير أنك عندما تستمع إليها الآن ستكون شيئاً مختلفاً، يشدّك إليه، وكأنك تسمعها لأول مرة. سوف تعجبك هذه الحكاية، وسيرُوح بخيالك معها إلى نهايات المآلات والخاتمة، وستعتقد أنك بطلها، أو أنك، قاسيت بعضَ أجزاءها يوماً ما.
وتكون قد اكتشفت أنها، تكسبك الخبرة، وتعطيك العبرة، وأنك استلهمت منها درساً، وأخذت منها الفائدة، وكانت تجربة ستتذكرها، إذا وقعت يوماً ما في بعض المواقف التي تشابهها.
التاريخ الإسلامي: رصيد من العبر والعظة
وهذا هو رصيدنا من التأريخ الإسلامي؛ إنه يمتلك كمًّا هائلاً من العبر والعظة، وسواء كانت هذه العبر تحكي قصص الأشرار الفجار الظالمين ومصارعهم، أو تحكي قصص الصالحين الطيبين الصابرين ونجاتهم وفوزهم، أو تحكي قصص المرضى وكيف كان شفاؤهم، أو تحكي حكايات المبتلين وخاتمتهم، أو الأبطال ومعاركهم، أو قصص أصحاب الكياسة ونجاحهم.
فالتأريخ الإسلامي يمتلك هذا الرصيد الذي، لا غنى عنه للإنسان، وهذا التراث الكبير الموجود في مكتبة التأريخ الإسلامي، يحوي خبرة القرون الأولى منذ أن وجد الإنسان على الأرض، كون الإسلام دينٌ إنساني، ودعوةٌ عالمية، للبشر كافة، يضم خبرة الأمم السابقة كلها، ولا يعترف بالقوميات والعرقيات والمناطقيات والألوان والجنس والسلالة. فلذلك كان هذا التراث يشكل ثروة للمسلم، ومرجعاً مهماً، يضعه أمامه، فيدله إلى الخير والصلاح والنجاة، ويحذّره من طرق الشر والهلاك وسوء الخاتمة.
القيمة الثقافية والعزة التي يمنحها التراث
ومن هنا كان للمسلم رصيداً ثقافياً عالمياً في مكتبة الإسلام الواسعة لا ينافس، يستلهم المسلم منه الخبرة والعبرة والثقافة والمعرفة، كما أنه يعطيه الثقة بنفسه، والعزة والكرامة والفخر، لأنه ينتمي لهذه الأمة العظيمة.
✨ إن التراث الإسلامي ليس صفحاتٍ غابرةً في التاريخ، بل هو رصيدٌ من النور، نستضيء به كلما أظلمت بنا الطرق. فكل حكاية من ماضينا درسٌ للمستقبل، وكل عبرةٍ فيها وصيةٌ لنا أن نكون أوفياء للنور الذي بدأ بـ “اقرأ”.