في مثل هذه الأيام قبل عشرِ سنواتٍ كانت الأيامُ الأولى لرحيلك وكان الحزنُ سحابةً سوداءً خيمت في سمائنا ، كنتُ لحظتها طفلةً لاتعي ممايحدث حولها سوى خوفٍ من العويل الذي يصدر من أفواه من حولي ؛
ولم أفهم مما يقولونه من بين شهقات بكائهم سوى رحل ، لم يعد له وجود _ رحمه الله _وغيرها من الكلمات التي لايستوعبها عقل طفلٍ ،
كنت أحاول أن أفهم مايدور حولي ، وأحاول أن أضاعف السنوات إلى عمري كي أصل إلى معنىً شافٍ لكل كلماتهم؛
وليتني مكثت في طفولتي وليتني لم أحاول مضاعفة العمر العقلي وليت وليت ... حيث لاتنفع ولاينفع التحسر ،
فالواقع المر طوق بيديه حول عنقي ، وكاد يخنقني ؛
لم أستطع البكاء أو العويل كما كُنّ يفعلن من حولي، ولكنني كنت أحاول إخماد أصواتهن بصوتٍ متقطع يخرج بصعوبة لشدة ضغط طوق الحزن حول عنقي،
صرخت على الكل وحاولت رفع صوتي أكثر ولكن لامجيب فمكثت في قوقعةِ الإختناقِ منتظرةً يداً تخلصني ، لم أجد في تلك اللحظةِ أحداً، لم أعهد ذاك التجاهل ؟!
لم أعهد حمل مسؤولية نفسي ولكن الواقع فرض علي ذلك وأبى أن يرخي طوقه من عنقي،
إلا بشرط أن أظل أسيرة الألم والفراق !
وممازاد هول صدمتي أن أُتيتُ عقل كهل وسُلِبت طفولتي عنوة !
لم استطع التفوه أو الممانعة ؛ وكأني رضيت مرغمةً !
فقد سُلِبتُ طفولتي_ التي لازلت أحمل في جوفي شيئاً منها_
ومكث في داخلي نهرُ حنينٍ لاينضب أبداً .
وهاهي السنوات تمر وكلما مرّ عام كبُرتُ أعواماً ، وهاي الذكرى العاشرة على وفاته تمر ، وليته يعلم كم نحن بحاجة إليه ، كم نشتاق لتواجده بيننا! كم نشتاق لتفاصيل حديثه ! لتقاسيم وجهه وتعابير ملامحه !
ليس بيدنا حيلة سوى الرضى والحمد لله...
ونحن على ثقة بأن لنا لقاءً من نوعِ آخرٍ في جنةِ الخلدِ ـ بإذن الله تعالى تغمدك ربي بواسع الرحمة والمغفرة
تعليقات
إرسال تعليق