بقلم : ناصر ظيفير
*بينما كنت في السيارة منتظرًا صديق لي نزل في هذا المكان المكتظ بالناس كبارا وصغار رجالا ونساء، وأنا أتامل كل تلك الحركة من خلف ذلك الزجاج الذي يسمح لي برؤية من بالخارج بينما لا يراني إلا من اقترب إلى جواري ، وقعت عيني على أطفال يحملون قناني الماء و يصيحون بأصوات قد بحت سعيًا لبيع ما يستطيعون بيعه ، وخلف هذه الحركة والصراخ ألف حكاية وحكاية ، بل قل إن شئت مأسي كثيرة ، فبيع الماء أو المناديل أو حتى الدخان في مثل هذه الاماكن ليس بغرض التجارة ولكن بغرض حفظ ماء الوجه، فهي وسيلة لكسب المال بدلاً من العجز والإنهيار أمام شراسة الوضع الحالي وقساوة الظروف التي تمر بها البلاد ، وحتى لا يتحول الكثير من الأطفال والشباب إلى متسولين فضلوا هم أو أهاليهم أن يحفظوا كرامتهم بالوقوف تحت أشعة الشمس ووسط الزحام وعرضة لتهكم الجهلة وتأفف اللئام وعدم اكتراث المجتمع بهم
وسط هذا كله إلا أن مشهداً واحد قد أثلج صدري وأزاح عني الهم الذي أصابني بسبب مشاهدتي لهؤلاء الصبية المفعمين بالحيوية والنشاط وما يكابدون .. يكفي أن نتخيل أن كل واحداً منهم مسؤولًا عن أسرة كاملة او جزء من أسرة أجبرتهم الحرب وتدهور الخدمات في مناطقهم إلى النزوح
ذلك الموقف الذي جعلني أغادر المكان وانا أشعر بإرتياح نسبي هو لرجلين ترجلا من إحدى السيارات أسرع نحوهما طفلاً صغيراً يحمل قنينتي ماء ويطلب منهما شراءها مد أحدهما يده إلى جيبه فأخرج ورقة نقدية تكفي لشراء 5قنينات فمد بها للطفل وعندما رأى ذلك الرجل الاخر أخرج هو أيضا ورقة نقدية أخرى ومد بها لنفس الطفل ثم أخذا الماء بعد إلحاح الطفل عليهم و انصرفا
راقبت ذلك الطفل الذي بدت الفرحة واضحة على وجهه ، وراح يقفز و يتنطط حتى غاب عن ناظري ولسان حاله يقول أشري يا أمي سأشتري لك اليوم بعض الفاكهة أو سأوفر حليب أخي الصغير ليومين أو ثلاث، وقد تكون له أولويات أخرى قد لا اقدر على تصورها يظل يسردها وهو يبتسم بعدما أسعده نسان قد لا يعي عظيم فعله وحجم الفرحة التي أدخلها على قلوب عديده ولكن الله يراقب كل ذلك وهو المكافئ
تعليقات
إرسال تعليق