مراجعة كتاب الوصايا العشر لمن يريد أن يحيا
مؤلف الكتاب: الأستاذ خالد محمد خالد
عدد صفحات الكتاب 228
بقلم شوقي الدقوري
خالدمحمد خالد المفكِّر الإسلامي المعروف، تخرَّج من كلية الشريعة بجامعة الأزهر.
عاش و اشتُهِر مؤلفاً من الطراز الخاص بأسلوبه الجميل السهل المبسَّط، والممتع الممتنع، يكفيه من الشهرة سِفره (رجال حول الرسول)، كما تزدحم المكتبة العربية بكتبه و مؤلفاته الأخرى و التي بلغت حوالي الثلاثين مؤلَّفاً أو نحواً من ذلك.
و لعلَّ كتابه الذي بين أيدينا (الوصايا العشر لمن يُريد أن يحيــــا) هنا في عالم المعرفة (اقرأ) هو خلاصة تجارب الكاتب الفذِّ، بعد أن غاص في قاع العلم و المعرفة ...فهو يوصينا إذاً هنا .. يبوح لنا بكتاب عن التحفيز الذاتي لحياة فضلى .
يتحدَّث المؤلِّف هنا و كأنَّه يتحدَّث إلى نفسه، أو قل لابنه الصديق، أو لصديقه العزيز. يسافر بنا عبر صفحات كتابه (بين يدينا الطبعةالسابعة التي تأتي في العام ٢٠٠٣م أي بعد رحيله بنحو عشر سنوات)، و يهديها إلى الشباب أولاً و إليناجميعاً.. و ياله من إهداء!! ألم أقل إنه يتحدَّث إلى نفسه أو صديقه..
الوصايا العشر تُعدُّ بمثابة جواهر التحفيز الذاتي لحياة أفضل يقولها لنا مرتبةً منمَّقةً شأنها شأن أسلوبه السهل المُمتنع. فالكاتب _ رحمه الله _ يوصي و يُوجِّه _ و دعونا لا نطيل الحديث قبل ان نقرأ فيه:
• الحبُّ دوماً هو الراحة التي تنشدها لمحيطك و لأهلك و لزوجك و لأستاذك و لموطنك و لوطنك و لعملك و لحياتك، أو هو الضرورة المُهمَّة من الدرجة الأولى .
•الخوف هو العدو الأول للإنسان، و ربَّما يحتدم الخوف بعض الأحيان؛ لذا يجب عليك أن تناضل ضدَّه، و تتفوَّق على كلِّ العوامل التي تقود إليه لتنتهي بعيداً عنه.
• الفضيلة عنده هي العلامة الكاملة للمستوى الراقي؛ فهي تجرِّدك من الأنـــــــا و تصنع منك قدوة.
• لا تعش أبداً في عباءة غيرك .. اصنع مجدك بنفسك، و اصبر على ذلك وأحبّه فعمّا قريب ستصبح رائدا في مقدمة الركب ..
• يقول لمن يوصيه: كن نفسك اصنع شخصك و تميَّز بأسلوبك و طريقتك، و تحمَّل مسؤوليتك، و تحمَّل أعمالك و أعباءك مهما كان كبرها و مهما صغر حجمها أيضاً ..
•الصداقة هي الشعور الطيب و العافية للمجتمع ..
• و يدعوك الكاتب إلى القراءة .. اقرأ، فالقراءة هي مصدر النور، هي الرِّئة التي يتنفَّس من خلالها العقل ليحيا و تتفتَّح منه زهور الإبداع. و الكتاب دوماً هو خير جليس و خير أنيس.
•كن نفسكــ و عش حياتك، و لا تذهبَنَّ لتقلِّد الآخرين تقليداً أعمى بحيث يمكنك أن تنقل من الآخر فضائله و علمه، و لكن أدر آلتك أنت و انطلق ..
يدعوك الكاتب أن تملك نفسك و زمام أمرك مختاراً حياتك عند أعلى مستويات الحياة.
• تمسَّك بمعرفة الله، و ضع يدك في يده ..
• وطِّد مسؤوليتك بالحرِّية، و عشها، فلابدَّ من أن يخالطها العدل؛ إذ لا تستقيم تمام الإقامة بدونه.
تقييم الكتاب:
لو كان بإمكاني إعادة ترتيب الوصايا دون مؤلِّف الكتاب لجعلتُ وصيته السابعه في مقدِّمة الكتاب، هكذا تروق لي ... أعني «اقرأ». و دعوني أعبر منها إلي الكتاب؛ فاقرأ تعنى كما عقلتها من الكتاب ألَّا تستسلم لكلِّ ما تقرؤه (هنا أعود لأعرف ان الكاتب قد جعل وصيته «اقرأ» هذه هنا كوصية بالرقم السابع؛ لأنه اراد أن يصنع منك _ يا صاحِ _ رائداً و قائداً و شجاعاً و محبّاً و مخلصاً و صديقاً حتَّى إذا ما قرأتَ كنتَ تمتلك وسائل الرفض و التفكير والعقل الناقد الذي يقارع الزيف و يرفض الكلمة التي تنحرف عن الحقيقة، فلا ينصاع لكلِّ ما يقرؤه، و لا يستسلم لإغراء و إغواء الكلمة التي قد تجمح بذاته عن ابتغاء الحقِّ و الصواب؛ لذا يوصيه باتِّباع النصح الرشيد و النهج القويم الذي يرضاه المرء لشخصيته .
اقرأ _ اذاً _ و كوِّن شخصيَّتك ممَّا تقرأ، و استفد ممَّا قرأته و ابنِ أفكارك؛ لكي تختار بدون تبعيَّة مطلقة و بدون خضوع تام لفكر غيرك .
نقاط القوَّة و الضعف التي تبدو في الكتاب:
أعجبني فيه الاستدلال والاستشهاد بالشواهد الثابتة مثل القرآن الكريم و الأقوال سواء كانت أقوال انبياء أو فلاسفة أو علماء، و كذا الاستدلال بأحداث التاريخ .
وقد يأخذ بعض القراء على الكتاب الاختصار الشديد لبعض موضوعاته والتي قد تحتاج إلى توسع واستطراد..
خاتمة:
إن الحياة تعتمد في استمراريتها علي رصيد الخير و الذي يبدأ من الكلمة الطيبة و ينطلق من السلوك القويم، و بما يقود الى الصراط المستقيم و المبتغى المنشود و الخطو السديد .
و هكذا يمكن أن تزهو الحياة بنماء الخير، و القيام بمهمَّة عمارة الأرض . و إنْ كان الحبُّ و العطاء لابدَّ منه، فالشجاعة هي الفرس الذي يمتطيه القائد مُحطِّماً أسطورة الخوف مُتوشِّحاً سيف القوَّة، منطلقاً لا يبالي بالعقبات، ولتكن عثرة فرسه هي الخطأ الذي يكتسب منه قوَّةً و يبتغي اعتدالاً في الطريق، مبادراً غير آبهٍ بتثبيط الآخرين .. متحدِّياً الصعاب التي تواجهه، فمواجهة الشدائد نحو قمَّة الجبل خيرٌ ألف مرَّة من مواجهة الصعاب و أنت باقٍ في سفح الجبل .. فاصنع من نفسك الرائد الذي لا يلين .. عينه ثاقبة النظر كعيني صقر الى حيث يجب أن تكون، مُتحلِّياً بما ينبغي من الأدب الأجتماعي، بارّاً بصحبه وفيّاً لمجتمعه، غير متعالٍ البتَّة، تجده الأول عند نداء الفزع مسافراً فوق كتاب يقيه جحيم الغفلة، ليعلمه كيف و أين و متى يرتدي سلاح العلم بفكرٍ يواجه به الدنيا مطوِّراً فيه مجوِّداً في أدائه، مُثابراً صابراً إلي نهاية الطريق مهما كان شاقّاً و شائكاً، فطريق المجد يلتزم الثبات.. زاده الإيمان بسمو الهدف، و الإيمان بربِّه قاصداً رضوانه طالباً من الله الفوز و الفلاح، قائداً ركبه بكلِّ مسؤولية و تفان نحو حرِّية دائمة محصنة بالعدل و الحق و الخير.
يُنصح بقراءته:
لعمري، إنه لمن دواعي التوفيق لمشرفي مجموعة التنمية في مجموعات اقرأ _ اختيارهم هذا الكتاب و لاسيَّما و نحن على مشارف شهر رمضان المعظَّم، و كأنَّما هو خير زاد لرحلة مباركة .. لذا فأنا بدوري أنصح بقراءته جدّاً .
التقييم
5/5
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق